طارق الحميد
للحظة لا معلومات دقيقة عن لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالرئيس الأميركي باراك أوباما في قمة روضة خريم بالعاصمة الرياض، واللافت بالطبع أن لا تسريبات، حتى كتابة المقال، وعليه، فإن السؤال هو: هل نجحت زيارة أوباما للسعودية؟
أعتقد أن الإجابة: نعم، خصوصا أن الهدف المعلن من الزيارة هو رغبة الطرف الأميركي في تأكيد التحالف الاستراتيجي مع المملكة بصفتها حليفا قويا موثوقا به، وذلك بعد الشكوك التي أثيرت مؤخرا، سواء على خلفية المفاوضات مع إيران، أو الموقف الأميركي من أزمات المنطقة، سواء في سوريا أو مصر. والمعلوم أن المباحثات بين العاهل السعودي والرئيس الأميركي لم تستغرق أكثر من ساعتين، وبالتالي، فالواضح هو أن الاجتماع كان للتأكيد على عمق التحالف الاستراتيجي، والتأكيد على الاتفاق التام حول الخطوط العريضة في التعامل مع الملف النووي الإيراني، وتمدد طهران بالمنطقة، بحسب ما سمعته، علاوة على تكثيف الجهود دعما للمعارضة السورية، مع القلق الأميركي الواضح من وقوع أسلحة بأيدي المتطرفين هناك سواء «داعش» أو «النصرة»، أو حزب الله.
وما سمعته من أطراف معنية جرى إطلاعها «بشكل موجز» على نتائج المباحثات السعودية الأميركية، هو أنها مطمئنة، وبالتالي، فكون قمة روضة خريم لم تستبق برفع لسقف التوقعات، ولم يسرب منها للحظة ما يشير إلى تباين في المواقف، فالواضح هو أنها زيارة ناجحة، لأنها في المقام الأول تعني أن الرسالة السعودية قد وصلت للأميركيين، ومفادها أن للرياض رؤى مختلفة تفرضها طبيعة الأحداث بالمنطقة، وأن الرياض لا تقبل المساس بأمن المنطقة، ولا تقديم مبادرات غير عملية من شأنها خلق مزيد من الأزمات بدلا من نزع فتيلها، ومجرد زيارة الرئيس الأميركي نفسه للرياض ولقائه بخادم الحرمين، تعني أن الرسالة قد وصلت، وأن الأميركيين معنيون ليس بتطمين السعوديين فحسب، بل والأخذ بوجهة نظرهم، لأن السعودية ليست طرفا طارئا أو باحثا عن دور، بل للسعودية ثقل لا يمكن تجاهله، أو التعريض به.
ولذلك، فإن مجرد زيارة أوباما للرياض ولقائه بخادم الحرمين الشريفين تعني أن رسالة السعودية قد وصلت، وأن ما تنادي به السعودية بات يجد الآذان الصاغية في واشنطن، خصوصا أن الرياض استبقت زيارة أوباما بعدة قرارات تظهر تصميمها على المضي قدما في ترسيخ ما تراه مفيدا للمنطقة، وبدأت بالداخل، حيث تجريم القتال في الخارج، ووضع الإخوان المسلمين في السعودية على قائمة الإرهاب، وتجريم الترويج لهم، مع جماعات أخرى.. هذا إضافة إلى سحب السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر. كل ذلك يقول إن السعودية مضت في الأفعال من أجل ترسيخ الاستقرار في المنطقة، وقبل زيارة أوباما التي لم يصدر عنها ما يشي بتباين في وجهات النظر. وعليه، فمن المقبول القول إن الزيارة قد نجحت، وهذا ما سيستوعبه المعنيون بالمنطقة أولا، وقبل الجميع، حيث بات الجميع يعي الآن أن الدور السعودي ليس طارئا، بل هو مركز ثقل وتأثير.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط "