طارق الحميد
ناقشنا أمس فكرة المنادين بمصالحة مع الإخوان المسلمين وإعطائهم فرصة، حيث إنه مطلب عبثي، خصوصا أن «الإخوان» لم يكلفوا أنفسهم عناء القيام بمراجعة، ولم يظهر عنهم خطاب عقلاني، وقناعتي أن النقاش اليوم يجب أن يتركز حول السؤال التالي: أوليس لـ«الإخوان» أوطان؟
المتأمل فيما عرف بالربيع العربي، السنوات الثلاث الماضية وليس ما قبلها، وهو حافل بالأحداث.. المتأمل لهذه السنوات سيلحظ أن «الإخوان»، وفي كل مكان، قد فعلوا كل شيء إلا الاهتمام بأوطانهم، أو السعي إلى كلمة سواء فيها.. حدث ذلك في مصر، حتى وهم في السلطة، حيث تغوَّلوا على المؤسسات وقسموا المجتمع، أما خارجيا فقد سعوا لتعزيز العلاقات مع إيران، حيث كانت «مصر الإخوانية» تؤكد على تطابق المواقف مع إيران تجاه سوريا، مثلا، بل ويكفي أن التاريخ سيذكر لمرسي و«الإخوان» أنهم أول من سمح برحلات «الزوار» الإيرانيين لمصر. كما انفتحوا على المالكي، رغم كل ما يفعله بالعراقيين، وعلى الرغم من كل ذلك، فإن «إخوان» المنطقة، وتحديدا «إخوان الخليج»، كانوا يطبلون لمرسي وبديع، ويغضون النظر عن كل ما يرتكبونه من جرائم بحق مصر، والمنطقة، بل غضوا النظر حتى عن رسالة مرسي «الرقيقة» للرئيس الإسرائيلي، وكذلك تلحف مرسي و«الإخوان» بالأميركيين!
وبدلا من انتقاد تلك الخطوات الإخوانية، كان «إخوان» المنطقة، خصوصا الخليج، يعرضون بالسعودية والإمارات، ويشنون الحملات عليهما، ويحاولون إشعال الحرائق هناك؛ تارة بتضخيم مشكلات خدماتية، وتارة أخرى بإصدار البيانات، لكن عين الرضا وقتها كانت تغض النظر عما يفعله «الإخوان» بمصر من تحصين قرارات مرسي، إلى التغول على المؤسسات. والأمر نفسه مستمر للآن، للأسف، من قبل «إخوان الخليج» رغم الدم الذي يسال بمصر، والأدهى من كل ذلك، أن التطبيل مستمر أيضا لإردوغان رغم فشل مشروعه، وارتداده عن القيم كافة التي كان ينادي بها، حيث يطبل «الإخوان» لإردوغان رغم المظاهرات بتركيا، وحتى بعد مقتل الطفل المتظاهر الذي اتهم بالإرهاب! ويستمر التطبيل لإردوغان حتى مع حجبه «تويتر» و«يوتيوب»!
يحدث كل ذلك لأن «الإخوان» دائما في حالة بحث عن زعيم «خارجي»، و«بيعة» خارجية، ولأنهم دائما في حالة سعي إلى دولة «الخلافة» ولو على أنقاض الوطن، وكلنا يذكر مقولة المرشد الإخواني المصري السابق: «طز في مصر»، وما نراه اليوم يؤكد أن تلك المقولة لم تكن زلة لسان بقدر ما هي قناعة، ومنهج. وعليه، فإن السؤال هو: أوليس لـ«الإخوان» أوطان؟
نتمنى أن تكون هناك إجابة، لا شتائم، فالأفضل لمريدي «الإخوان»، وتحديدا في الخليج، هي العودة للصواب، والحرص على الأوطان، خصوصا أنهم من أكلوا رؤوسنا بالحديث عن المتأمركين، وزوار السفارات، والحقيقة أنه ثبت أن «الإخوان» هم من يستعينون بـ«الخارج»، ويدمرون الأوطان، فهل من وقفة مراجعة، خصوصا أنه قد قضي الأمر بعد سقوط «الإخوان» في مصر؟
"الشرق الأوسط"