توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشتيمة ليست سياسة

  مصر اليوم -

الشتيمة ليست سياسة

بقلم - طارق الحميد

هرع البيت الأبيض لتفسير ما قاله الرئيس بايدن حين شن هجوماً عنيفاً على نظيره الروسي بوتين، واصفاً إياه بـ«الجزار»، وقائلاً: «لا يمكن لهذا الرجل البقاء في السلطة».
وفُسر حديث الرئيس بايدن بأنه محاولة لتغيير النظام في روسيا، لكنّ مسؤولاً بالبيت الأبيض سارع موضحاً أن بايدن لم يدعُ لتغيير النظام وإنما «قصد أن بوتين لا يمكن السماح له بالاستقواء على جيرانه». وحتى كتابة المقال أعتقد أن ربكة تدارك هذا التصريح مستمرة. وهذه ليست المرة الأولى التي يتطاول فيها بايدن على زعماء دوليين، أو حتى خصومه ومنافسيه الداخليين، بل معروف عنه زلات اللسان. لكن القصة أكبر، فنحن أمام ظاهرة أميركية لافتة، وهي اعتبار الشتيمة سياسة.
ولم تبدأ هذه الظاهرة بظهور الرئيس ترمب، بل على العكس بدأت منذ وصول الرئيس الأسبق أوباما للرئاسة، لكنه لم يكن يتفوه بها بنفسه وإنما أوكلها لإعلامه، وهذا موضوع يستحق المناقشة في مقال منفصل.
المهم أن الشتيمة السياسية باتت سمة للساسة الأميركيين حديثاً، وهي عمل منافٍ للدبلوماسية، ومناقض للعقلانية السياسية، ولذلك كان محقاً الرئيس الفرنسي حينما سارع للتعليق على تهجم الرئيس بايدن على الرئيس بوتين.
في تصريحات لقناة «فرانس 3» قال الرئيس ماكرون: «لن أستخدم هذا النوع من الكلام لأنني ما زلت على تواصل مع الرئيس بوتين». وسار على خطاه وزير خارجيته جان إيف لودريان، إذ قال الوزير الفرنسي: «يجب أن نواصل الحديث مع الروس، ويجب أن نستمر بالتحدث خصوصاً مع الرئيس بوتين»، داعياً إلى حوار «خالٍ من السذاجة وحازم».
ومن السذاجة السياسية أن يتم التعامل مع دولة نووية مثل روسيا عبر الشتائم، ومن الرئيس الأميركي، بدلاً من فتح قنوات للتفاوض للحد من الأضرار، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وكان يُفترض بالأوروبيين والأميركيين استيعاب أنه من غير الممكن، ولا من الحكمة، محاصرة دولة نووية ووضعها في زاوية من أجل تراجع، أو انسحاب، من دون عقلانية وبراغماتية سياسية لأن العواقب حينها ستكون وخيمة.
ويجب أن يكون هذا درساً بالتعامل مع إيران التي ستصبح فيلاً في غرفة حال حصلت على السلاح النووي، أو سُمح لها بالاقتراب من تحقيق ذلك. حينها ستغزو إيران دول المنطقة، وسنكون أمام نفس المعضلة الروسية، فكيف يمكن حينها ردع نظام نووي إرهابي؟!
وعليه فإن الشتيمة ليست من السياسة في شيء، وعندما تَصدر من رأس الدولة، كحالة الرئيس الأميركي، فهي تعقّد الأمور على الدبلوماسيين، وتجعل من التفاوض أمراً صعباً، وهذا ما فعله الرئيس بايدن مراراً، واضطر إلى أن يبلع كلامه، كما يقول المثل.
فعلها بايدن في أثناء حملته الانتخابية، وبعدها، حيث اضطر إلى بلع كلامه مع مصر خلال حرب غزة، وها هو يبلع كلامه مع السعودية بعد ارتفاع أسعار النفط، وسيبلع كلامه الآن مع الرئيس بوتين الذي وصفه سابقاً بـ«القاتل»، ويستجديه الآن لوقف الحرب في أوكرانيا.
وما دام كثر في الغرب لديهم هوس بمقولات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق والأشهر ونستون تشرشل، فمن الجيد أن يتذكروا مقولته الشهيرة: «ليس لدينا أصدقاء دائمون، ولا أعداء دائمون... لدينا فقط مصالح دائمة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشتيمة ليست سياسة الشتيمة ليست سياسة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon