طارق الحميد
أربعة وعشرون ساعة وتتعرف أميركا، ومعها العالم، على الرئيس الأميركي القادم، وسيترتب على ذلك الكثير، سواء تم التجديد لأوباما، أو جاء الجمهوري رومني. فمنطقتنا، تحديدا، دخلت ما يشبه حالة الغيبوبة منذ أكثر من شهر بسبب الانتخابات الأميركية، وفي أكثر من قضية حيث ألقت الانتخابات بظلالها على كل القضايا الحساسة.
بعد أربعة وعشرين ساعة، ومع معرفة الرئيس القادم لأميركا، ستتضح الرؤية تجاه الملف السوري، والملف النووي الإيراني، وطريقة التعامل مع أوضاع بعض دول المنطقة، خصوصا دول الربيع العربي، ومن الطبيعي سيتعرف الأميركيون على أي خط ستتخذه الإدارة القادمة اقتصاديا، وهذا أكثر ما يهم الأميركيين. لكن ما يهم العرب، أو منطقتنا، أمر مختلف تماما. فالرئيس الأميركي الحالي وضع الملف السوري على الرف، وبكل برود أعصاب، رغم كل الفرص الاستراتيجية التي لاحت لإدارته في الملف السوري، فقط من أجل أن لا يؤثر على حملته الانتخابية ليتسنى له تمديد فترة رئاسته لأربع سنوات أخرى. فأوباما لم يكترث بأن سقوط الأسد سيعتبر أهم ضربة سياسية لنظام الملالي بطهران، وليست طائفية بالطبع، كما يحاول البعض توصيف ما يدور بسوريا، بل من أجل قطع أيدي إيران من المنطقة، وضرب توسعها، وكذلك القضاء على أكثر نظام إرهابي بالمنطقة، عطل السلام والاستقرار، وانتهك سيادة جيرانه من العراق إلى لبنان وحتى الأردن، فنظام الأسد حول سوريا إلى أكبر معمل لصناعة الإرهاب، وتحديدا في العشر سنوات الأخيرة.
أضاع أوباما تلك الفرصة الذهبية، سياسيا وأخلاقيا وإنسانيا، من أجل إعادة انتخابه مرة أخرى، وقد يفشل في الانتخابات، وقد ينجح، فكل المؤشرات تقول إننا أمام انتخابات متقاربة جدا. وعليه، فإنه في حال فوز أوباما فإن الأمور ستكون مختلفة، وهذا ما يردده بعض المسؤولين في إدارته، خصوصا في الملف السوري، بل وهذا ما توحي به تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية الأخيرة حول سوريا. وبالتالي فإن فوز أوباما ينتظر منه أن يكون رئيسا أكثر تحررا من القيود، خصوصا أنها الفترة الثانية، وعليه فيفترض أن يكون هناك تحرك أكثر تأثيرا تجاه سوريا، وهذا ما يتوقعه حتى الروس والإيرانيون، ولكنه يتطلب عملا دبلوماسيا سعوديا وخليجيا مكثفا، ومن لحظة إعلان اسم الرئيس القادم.
وفي حال كان الرئيس القادم هو رومني، فالواضح أنه يملك رغبة أكبر لوقف آلة القتل الأسدية، كما أنه أكثر تشددا مع النظام الإيراني، بل والواضح أنه سياسي يمكن التعامل معه، على الرغم من أنه ليس مثقفا على طريقة أوباما يخدع بالمثاليات كثيرا، فرومني يرى أن سقوط الأسد يعد لحظة تاريخية، ومكسبا استراتيجيا للمنطقة وللأمن الأميركي، ولعملية السلام ككل، وربما يتطلب إقناعه في هذا الملف جهدا أقل، لأنه يملك الرؤية الصحيحة تجاه ما يحدث في سوريا، وذلك عطفا على تصريحاته الكثيرة حيال الأزمة السورية.
المراد قوله إنه أيا كان الرئيس الأميركي القادم فإن المنطقة مقبلة على مرحلة مهمة، وبعد 24 ساعة، سيكون هناك حركة وعمل، وهو أفضل بكثير من الانتظار والتخمين. والأمر لا يتعلق بمنطقتنا وحدها، بل لا مبالغة بالقول إن العالم كله ينتظر معرفة الرئيس القادم لأنه أمر سيترتب عليه الكثير.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"