طارق الحميد
ها هي الأخبار تتوارد عن عزم الإدارة الأميركية على حسم أمرها حول تسليح الجيش السوري الحر هذا الأسبوع، وذلك على ضوء المتغيرات على الأرض بعد تدخل ميليشيات حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية في سوريا مدعومة من قبل نظام إيران.
والواضح أن إدارة أوباما قد استوعبت أنها تعرضت لحيلة سياسية روسية، حيث ألهت موسكو الأميركيين بمبادرة مؤتمر «جنيف 2»، بينما سارعت، ومعها إيران، في زيادة دعم الأسد بالأسلحة لتمكينه من فرض واقع على الأرض من شأنه أن يصعب فرص المعارضة السورية، في حال عقد المؤتمر، كما أن تلك الحيلة تمكن الأسد من سحق الثوار على الأرض، وهذا ما يتضح من خلال تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين، والتي جاءت على شكل تسريبات إعلامية، حيث شددوا على أن الأوضاع على الأرض تتغير بشكل متسارع، مع وجود قرابة خمسة آلاف مقاتل من حزب الله، إضافة إلى عناصر فيلق القدس الإيراني، والميليشيات الشيعية العراقية، مما يتطلب إعادة النظر في الموقف الأميركي من تسليح الثوار.
وفي حال تم اتخاذ القرار الأميركي بتسليح الثوار فإن هناك أسئلة ملحة تستحق التوقف عندها، وخصوصا أنه لا يكفي مثلا أن يعلن عن تسليح الثوار وحسب، فهل سيكون قرار التسليح فوريا أم أنه تلويح لتعزيز التفاوض مع روسيا، وخصوصا أن المساعدات الأميركية غير القاتلة لم تصرف للمعارضة السورية بعد؟ وهل سيكون قرار التسليح الأميركي منفردا أم سيأتي مصاحبا لقرارات مماثلة من قبل الفرنسيين والبريطانيين؟ وهل قرار التسليح سيأتي مع إدراك أن الأسد وإيران وأتباعهما لن يتوانوا عن التصعيد ومحاولة الهروب للأمام؟ فهل لدى الأميركيين خيارات للتعامل مع الأسوأ؟ وهل سيتم إنشاء غرفة عمليات فور اتخاذ قرار التسليح تتكون من تحالف الراغبين عربيا وإقليميا ودوليا؟ فمن يضمن ألا يستخدم الأسد الأسلحة الكيماوية مثلا، أو أن يتم استهداف تركيا أو الأردن بعمليات إرهابية ضخمة؟ ومن يضمن ألا تنفجر المواجهات في لبنان؟
المؤكد أننا بتنا أقرب من أي وقت مضى للحظة المواجهة المؤجلة سوريا، وبعد طول تردد وإهمال من قبل الإدارة الأميركية، ونقول لحظة مواجهة سواء قررت إدارة أوباما تسليح الثوار من عدمه، فما يحدث على الأرض في سوريا يشي بأن لحظة الانفجار قد اقتربت، فالأسد، ومعه إيران وحلفاؤها، ينوون المضي في اجتياح باقي المناطق السورية الخاضعة تحت سيطرة الثوار، مما يعني مزيدا من الجرائم، والكوارث، كما أن الطوق الإيراني بات يشتد على سوريا ولبنان والعراق، مما يعني أننا مقبلون على معارك طائفية بشعة.
والمفترض اليوم، وخصوصا في حال قرر الأميركيون تسليح الثوار، أن يكون التنفيذ سريعا، والتنسيق عالي المستوى والفاعلية، مع الاستعداد لما هو أسوأ، وإلا فإن إدارة أوباما المترددة بطبعها ستكون قد ارتكبت خطأ فادحا، حيث لا مجال لأنصاف الحلول، فعلى من يشهر سلاحه أن يستخدمه، وإلا تلقى ضربة خاطفة من العدو، وهذه هي قواعد الاشتباك دائما، وخصوصا مع الأسد وإيران.