طارق الحميد
تحدث الرئيس الأميركي، رئيس القوة العظمى الوحيدة، لما يزيد على الساعة والنصف في مؤتمره الصحافي الخاص بنهاية العام دون أن يقول شيئا مفيدا بالقضايا السياسية، ودون أن يسأل سؤالا مهما! أفرط الرئيس أوباما في الحديث عن اختراق النظام الإلكتروني لشركة سوني الأميركية الشهيرة في هوليوود من قبل نظام كوريا الشمالية التي اتهمتها واشنطن رسميا بالوقوف خلف تلك العملية، لكنه، أي أوباما، لم يتحدث عن مفاوضات بلاده مع إيران، ولم يتحدث عن سوريا، ولا العراق، ولا روسيا! ولم يتحدث أوباما عن الصراع العربي الإسرائيلي، وخصوصا عندما بدأ بتلقي أسئلة الصحافيين، ومن المعلوم أن الأسئلة لا تطرح بشكل عشوائي بالبيت الأبيض، بل بترتيب، وآلية محددة، والدليل أن جميع من سمح لهم بطرح أسئلة على الرئيس كانوا من الصحافيات النساء!
صحيح أن قضية اختراق شركة سوني، وتعطيل بث فيلم «المقابلة» من قبل كوريا الشمالية هو الحدث يوم مؤتمر الرئيس، لكن العالم ليس «سوني»! وحدث عام 2014 ليس تعطيل بث فيلم كوميدي، بل هو حول تراجيديا إنسانية حقيقية بالعراق، وسوريا، وغيرهما.. هناك أرواح تزهق، ودول مهددة، وأمن دولي أمام مخاطر حقيقية، وعندما يقول الرئيس أوباما في مؤتمره الصحافي إن بلاده أكدت زعامتها بالعالم، فكان من المفترض أن نسمع أسئلة حول أبرز قضايا أميركا والعالم، ورؤية رئيس الدولة العظمى الوحيدة حولها، فلماذا تعثرت المفاوضات مع إيران، مثلا؟
كان يجب أن نسمع من الرئيس شرحا عن لماذا استقال أو أقيل وزير دفاعه؟ وما هي رؤيته للتعامل مع «داعش»؟ وكيف يرى مستقبل العراق؟ ولماذا عاد وقرر إرسال جنود للعراق، وأبقى قوات بأفغانستان؟ وكيف يمكن التصدي لجرائم الأسد؟ وموقفه مما حدث بأستراليا، وباكستان؟ ولماذا هاتف الرئيس المصري، فهل أدرك أوباما خطأه حيال مصر؟ وكان يفترض أن نستمع لأسئلة تطرح على الرئيس، أو على الأقل شرح منه، لعمق الأزمة مع روسيا، وتبرير للعقوبات الجديدة التي وقعها مع تجميدها، وما هو المطلوب من بوتين، وخصوصا بعد مؤتمره الصحافي الأخير؟.
وعليه فإن العالم كان ينتظر من الرئيس الأميركي الكثير بمؤتمره الصحافي، فهناك حليف يريد سماع تطمينات، وعدو يريد التأكد ما إذا كانت الإدارة الأميركية تعني فعلا ما تقوله على لسان مسؤوليها، فالعالم ليس شركة سوني وحدها، كما أن المجتمعات المقموعة بالعنف والأعمال الدموية الإجرامية، مثل ما يحدث بسوريا والعراق واليمن، وليبيا، وفلسطين، وغيرها، غير معنيين بأزمة فيلم سينمائي، فذلك ترف لا يمتلكونه، وقضية لا تهمهم، خصوصا أن الرئيس أوباما لم يوضح ماهية الرد المحتمل على كوريا الشمالية، ولم يسأل سؤالا جادا مثل: ماذا لو هاجمت كوريا الشمالية، إلكترونيا، النظام البنكي، أو الملاحة الجوية؟ أو: ماذا لو حذت إيران حذو كوريا الشمالية، إلكترونيا؟
ولذا، فإن على من يعتقدون ببابا نويل أن يتعشموا بحظ أفضل مما جاء به الرئيس أوباما للمجتمع الدولي في مؤتمر نهاية العام هذا!