طارق الحميد
في محاولة يائسة، ومفضوحة، للتذاكي أصدر النظام الأسدي بيانا أدان فيه الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، معتبرا أن تلك الجريمة إثبات على أن «الإرهاب في سوريا سوف يرتد على داعميه»، وأنه دليل على «قصر نظر السياسات الأوروبية»!
والحقيقة أن جريمة «شارلي إيبدو» الإرهابية هي دليل على إدانة نظام بشار الأسد نفسه، ليس الآن، بعد الثورة، بل وقبل ذلك بكثير، فهذه الجريمة الإرهابية التي هزت فرنسا قدمت دليلا واضحا على تورط نظام الأسد في تسهيل، وتذليل، كل العقبات أمام الإرهاب بالمنطقة، وتحديدا العراق، وذلك بعد إسقاط نظام صدام حسين، وبدعم وتنسيق إيراني، كما أنها؛ أي عملية «شارلي إيبدو»، دليل على تورط حزب الله بدعم الإرهاب بالمنطقة، وهذا ما كشفته جريمة فرنسا الإرهابية، ومن الواضح أن ما سيكشف لاحقا سيكون أكثر إثارة.
بالنسبة لجريمة «شارلي إيبدو» الفرنسية، فقد اتضح أن أحد الإرهابيين المشاركين فيها، شريف كواشي (32 سنة)، قد قرر السفر إلى سوريا عام 2005 للمشاركة في القتال بالعراق، وتم إيقافه من قبل السلطات الفرنسية، والجميع يعرف أن تسلل الإرهابيين من سوريا إلى العراق وقتها كان أمرا يتم بعلم النظام الأسدي، وتنسيقه، وذلك لخدمة الأجندة الإيرانية، وتعقيد المشهد بالعراق، وكان نظام الأسد يتاجر بهؤلاء الإرهابيين، ومنهم سعوديون، تارة للقول بأنه يدعم المقاومة، وتارة أخرى للقول بأن السعوديين إرهابيون، ومن أجل تركيع العراق للمصالح الأسدية الإيرانية بالطبع. وكل من يعرف طبيعة سوريا، قبل الثورة، يعلم أنها دولة بوليسية لا يمكن للإرهابيين التنقل فيها، وصولا ومغادرة إلى العراق، دون علم النظام الأسدي.
وعندما نتحدث عن تورط حزب الله، فإن الشقيق الأكبر بالعملية الإرهابية التي وقعت في فرنسا كان يتدرب في اليمن الذي درب ويدرب فيه حزب الله الحوثيين، وهو الحزب نفسه الذي يقاتل الآن بسوريا دفاعا عن الأسد، ودرب قبلها مقاتلين عراقيين شيعة، مما يعني أن الأسد، وحزب الله، وقبلهما إيران، مثلهم مثل «القاعدة» لا يتحركون إلا بمناطق الصراعات. والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن هناك معلومات عن سفر أحد الإرهابيين الفرنسيين إلى سوريا مؤخرا للمشاركة في القتال هناك، وهو الأمر الذي سهله الأسد بتحويل الثورة السورية إلى ثورة مسلحة، فالكل يعي أن الثورة السورية كانت سلمية، إلا أن الأسد وإيران وحزب الله قرروا تحويلها إلى دموية للقول بأن الأسد يحارب الإرهاب.
وعليه، فإن المجتمع الدولي، الذي قرر غض النظر مطولا عن جرائم الأسد، ومن قبل الثورة، بات في موقف يتطلب التحرك ضد مجرم دمشق، خصوصا أن كل مؤشرات الجريمة الإرهابية في فرنسا تشير إلى الأسد، بالأمس واليوم. وعليه، فلا مناص من العودة إلى أرض الشام، لأن كل الطرق الإرهابية اليوم تؤدي إلى سوريا، وتحديدا إلى بشار الأسد.