طارق الحميد
وقف شجعان السعودية الشيعة، نساء ورجالا، وقفة تاريخية بوجه الإرهاب، دون «ولكن» أو «إنما»، حيث أصدروا بيانا حول جريمة الأحساء الإرهابية، مؤكدين فيه على أهمية اللحمة الوطنية تحت شعار دولة التوحيد السعودية.
ففي بيان انفردت به صحيفتنا عبر الزميل محمد جزائري، نشر مجموعة من المثقفين والاقتصاديين السعوديين الشيعة بيانا تحت عنوان «سعوديون بلا أقواس» قالوا فيه إنهم مع وحدة الوطن مدينين الاعتداء الإرهابي، معتبرين ما حدث بقرية الدالوة «اعتداء سافرا على سيادة المملكة العربية السعودية، ومحاولة نكراء للعبث والاستهتار بأمنها، وبنسيجها الوطني، وتهديدا نوعيا للسلم الأهلي»، ومؤكدين على أنه «لشهداء الوطن الرحمة، ولذويهم عون من الله على الصبر والسلوان»، مع التشديد على أن «الأمن الوطني، والسلم الأهلي، والعيش المشترك، أمور غير قابلة للمساومة والتنظير»، معلنين أنه «رغم فداحة المصاب، ورغم عمق الجرح الذي تسببت به هذه الجريمة، فإنها قد رسمت خطا فاصلا بين ما قبلها وما بعدها، فقد سبق للإرهاب أن وجه تهديدات إلى المملكة في مقامرة على التنوع الذي بوجوده نجح مشروع التوحيد التأسيسي، واتضح بعد الجريمة أن هذا التنوع لا يشكل ورقة رابحة في يد المقامر، بل إن التنوع عامل قوة للبلاد وأهلها».
وأضافوا في بيانهم الوطني أن كل الحقائق التي أبانها هذا الاعتداء الإرهابي تدفع «لمناشدة جميع الشركاء في هذا الوطن، وخصوصا علماء الدين والدعاة والمحتسبين لأن يؤكدوا ولاءهم الوطني بأن يمارسوا مسؤوليتهم في أن لا يجلبوا مناظراتهم وجدالاتهم المنافحة عن اجتهاداتهم وقناعاتهم إلى الساحة الإعلامية بكل المتاح فيها من وسائل تقليدية وجديدة، وليبقوا مثل هذه المناظرات والمجادلات ضمن دوائرها المختصة لكي يحموا معطى الدولة الجوهري الذي هو (الأمن والأمان)، وهذا ليس من باب مصادرة الرأي، ولكن من باب صيانة الشراكة الوطنية».
وهذا البيان التاريخي، والذي ما قبله شيء، وما بعده شيء آخر، هو بمثابة الدرس لكل من يعلي قيمة الوطنية، والشراكة بالوطن، وهذا هو نهج السعودية منذ تأسيسها على يد المؤسس الراحل الملك عبد العزيز رحمه الله، حيث قامت على المواطنة، وإعلاء الحق، واستتباب الأمن، وليس إثارة النعرات، والطائفية. ومثلما كتبت الأسبوع الماضي هنا مطالبا بضرورة ظهور الأصوات الشيعية المعتدلة وإبرازها من قبل الإعلام، فإنه من الحق والإنصاف الإشادة بهذا البيان السعودي الشيعي المعتدل الذي يقدم قراءة وطنية «بلا أقواس».
والحقيقة أن هذا الوعي الوطني هو الكفيل بإفشال كل جهود التطرف، والخراب، والسؤال الآن هو: متى يكون هناك بيان عراقي شيعي «بلا أقواس» لما يحدث بالعراق؟ وبيان لبناني شيعي «بلا أقواس» لما يحدث بلبنان؟ وبيان سوري «بلا أقواس» لما يحدث بسوريا؟ ولذا نقول: نعم سعوديون و«بلا أقواس»، وشكرا لكل المعتدلين «بلا أقواس».