توقيت القاهرة المحلي 23:50:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نعم لكل مجتمع خصوصية

  مصر اليوم -

نعم لكل مجتمع خصوصية

طارق الحميد

كيف يمكن تفسير خروج مظاهرات في نيويورك، والمدن الأميركية الأخرى، احتجاجا على عنف الشرطة المفرط ضد السود العزل هناك، وخصوصا عند

استحضار أحداث منطقتنا الأخيرة؟ كيف يمكن، مثلا، تفسير خروج مظاهرات بأجزاء من منطقتنا ضد القمع، والعنف، مطالبة بكرامة وحرية وعدالة

اجتماعية، ويخرج الرئيس الأميركي وأعضاء الكونغرس لمحاضرة هذه المنطقة المأزومة، ويحاضرنا قبلهم وبعدهم الإعلام الأميركي، ثم يخرج

الأميركيون بمظاهرات احتجاج تطالب بالعدالة بأميركا نفسها، والقول بأن الأميركي الأسود بشر يجب أن يحقن دمه وتحترم إنسانيته؟ كيف يمكن فهم

ذلك؟
وملخص القصة، لمن لم يتابعها، هو اندلاع احتجاجات بالمدن الأميركية جراء مقتل سود عزل، وبأوقات مختلفة، أحدهم مراهق أسود أعزل أطلق شرطي

أبيض عليه النار وأرداه قتيلا أغسطس (آب) الماضي بضاحية فيرغسون بمدينة سانت لويس بولاية ميسوري، وامتنعت هيئة المحلفين عن إدانة

الشرطي الأبيض. وبعدها بـ9 أيام امتنعت هيئة محلفين أخرى بمحكمة بنيويورك عن توجيه اتهام لضابط شرطة أبيض تسبب بمقتل أميركي أسود أب

لـ6 أبناء، علما أن عملية القتل كانت مصورة بالفيديو من قبل أحد المارة! حسنا، ما معنى ذلك؟ وكيف يحدث هذا بالدولة العظمى التي تعد أيضا أقوى

ديمقراطية بالعالم، وتعتبر أن رسالتها وقيمها تقوم على نشر الحرية، والتسامح، وكافة الشعارات التي نسمعها من الإدارات والمنظمات الأميركية؟
وعليه فإذا كانت القصة بأميركا قصة عنصرية، وهي كذلك، رغم وجود الرئيس الأسود في البيت الأبيض، فإن الحقيقة الأخرى، والدرس الذي لا يمكن

تجاهله، هو أن لكل مجتمع خصوصية، ومهما تطور، وتقدم، أو رغب بالتطور والتقدم. وقد يكون هذا الإقرار مستفزا، أو مثيرا للجدل، لكنه حقيقة ماثلة

أمامنا، وخصوصا بأميركا التي رغم كل تقدمها الحضاري، والإنساني، فإنها لا تزال تعاني من مشكلة عنصرية حقيقية يصعب حسمها دون أثمان باهظة،

ورغم وجود أوباما كأول رئيس أميركي أسود في تاريخ أميركا.
وهذا يقول لنا بكل بساطة إن لكل مجتمع، وأيا كان، مشاكله الخاصة النابعة من واقعه، وجغرافيته، ومكونه الثقافي، وليس مهما أن نختلف مع تلك

المشاكل، أو نتفق، أو أن نراها مهمة أو تافهة ببعض الأحيان، الأهم هو أن الحقائق تقول لنا إن لكل مجتمع خصوصية، ويجب أن تعالج مشاكله وفق تلك

الخصوصية، صحيح أن العقلاء، وبكل مكان، يرغبون في الإصلاح والانفتاح لأنه الطريق الطبيعي لتقدم الأمم، لكن للأسف لا توجد حلول سحرية، ولا

وصفة موحدة، ولذا فالأهم هو قناعة كل مجتمع بحجم مشاكله، والعمل الجاد على حلها، ووفق قدرة المجتمع نفسه، والأمثلة كثيرة، وتطول، لكن من المهم

أن التنبه إلى أننا لا نتحدث هنا عن إرهاب الدولة كما تفعل إيران، أو المجرم بشار الأسد، وإنما نتحدث عن العقد الاجتماعية التي تحتاج إلى صبر،

ومثابرة لحلحلتها، فهيئة المحلفين، مثلا، بأميركا هي من المواطنين، وليسوا موظفي دولة، والفارق كبير بالطبع مقارنة بجرائم إيران والأسد، وهذا ما

يظهر أيضا عمق أزمة العنصرية بأميركا.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نعم لكل مجتمع خصوصية نعم لكل مجتمع خصوصية



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon