توقيت القاهرة المحلي 13:59:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدور الريادي للدبلوماسية السعودية

  مصر اليوم -

الدور الريادي للدبلوماسية السعودية

فؤاد مطر
بقلم - فؤاد مطر

يفاجئ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كثيرين من قادة المعسكر الأطلسي - البوتيني في أمر الحرب الروسية - الأوكرانية بزيارة خاطفة إلى السعودية يوم الثلاثاء 27 فبراير (شباط) 2024، تزامنت مع دخول تلك الحرب سنتها الثالثة، وبينما الإدارة الأميركية وشريكاتها الأوروبيات المبتهجات باستبدال السويد المستقرة كما لم تستقر دول أوروبية، ثوب الناتو بثوب الحياد، تواصل التشاور فيما يعزز صمود أوكرانيا في الحرب مع روسيا وبحيث تسود تحليلاتهم أن ختام السنة الثالثة من هذه الحرب نصر جزئي لهم في أوكرانيا وصدمة تطلعات للرئيس بوتين في أن تكون رئاسته للمرة الثالثة مدموغة بانتصار ولو دون طموحه الذي من أجْله بدأ الحرب. وتشمل جولات التشاور تفعيل فكرة معاقبة بوتين من خلال استخدام فوائد الأرصدة الروسية المجمَّدة في المصارف الأوروبية، وهي بالمليارات، في شراء أسلحة يتم تقديمها إلى أوكرانيا لمساندتها في مواصلة الحرب مع روسيا. كما يشمل التشاور إمكانية إرسال قوات أطلسية إلى أوكرانيا، وهو اقتراح من المستغرب صدوره عن الرئيس الفرنسي ماكرون الذي ربما رماه في ساحة التشاور من منطلق الثأر من الرئيس بوتين، باعتبار أنه وراء الخيبة التي منيت بها فرنسا في النيجر ووصلت إلى حد الإهانة وإنهاء الوجود العسكري لفرنسا في هذه الدولة الأفريقية. حط زيلينسكي الرحال المفاجئ في الرياض وهو بثياب الميدان، ولقي من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، خير ترحيب. للزيارة توضيح قيل من الرئيس الزائر، وهو مواصلة الحوار من أجْل «قمة السلام». لكن جوهر الزيارة هو الأساس. فالرئيس الأوكراني بات - على ما يجوز الافتراض - يرى أنه مجرد بيدق في مبارزة أميركية - أطلسية مع روسيا، وأن سنتين من جولات المبارزة أثبتتا أن الصراع الأطلسي - الروسي أمر لا نهاية له بعد أن يجدد بوتين الولاية الرئاسية الثالثة، ويتعاقب على الترؤس في الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي رؤساء سيواصلون على الأرجح ما بدأه الرئيس بايدن إذا كُتب له الفوز أو غيره، ومن سيخلف رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك، والرئيس الفرنسي الذي سيخلف إيمانويل ماكرون الأكثر حماسة لفكرة إرسال قوات أطلسية إلى أوكرانيا تحترب معها القوات الروسية. وحيث إنَّ الشعب الأوكراني قاسى من سنتي الحرب كثيراً من الدمار والدماء، فضلاً عن خسائر الثروات، فإن الرئيس الأوكراني الذي بذل من الجهود ما يتجاوز القدرة على استمرار الرهان وعلى نحو ما ترسمه خرائط التدخل الأميركي - الأطلسي، بدأ يرى أن خير وسيط لتحقيق نهاية كريمة متدرجة للحرب هي السعودية. بل من حيث الحضور المتوازن للنهج السعودي في التعامل مع الأزمات الإقليمية أو التي لدول الإقليم حيز فيها، يمكن القول توصيفاً إن دور التوفيق من أجل التوافق بل الوفاق بين الأطراف المتنازعة، وأحياناً إلى درجة الاحتراب، يتطلب الوسيط المتجرد من هوى الاصطفاف. وهذا ما نراه من استمرار السعودية في تصفير حالات من التوتر عالقة على المستوى العربي والإقليمي عموماً بدءاً بما كانت عليه أجواء من التأزم إيرانياً ويمنياً وخليجياً، وصولاً إلى سعي أخوي دبلوماسي عزَّز الاستقرار في العلاقة بالعراق واستهدف استعادة سوريا إلى أن تستكمل التغريد في الفضاء العربي، وكان سعيها مشكوراً. حتى فيما يتعلق بالوضع الدائم التأزم في لبنان نرى الدبلوماسية السعودية تمارس السعي بما يبقي ذلك الوضع في منأى عن الانهيار.

وبعد إكمال خطوات على طريق العلاقة الثابتة وذات البعد الاستراتيجي بتلك التي خطاها النهج السعودي مع الصين وروسيا، فإن علاقة على درجة من الفرادة باتت تربط المملكة بمجموعة الكبار، وإلى حد بدت فيه كما لو أن الدول الخمس الكبرى في انتظار أن يكتمل العقد بمباركة أن يمثل العالم الثالث والأمتين العربية والإسلامية في مجلس أصحاب «الفيتو» الخمسة. ومن الطبيعي في هذه الحال ألا يعود «الفيتو» الذي طالما قاسى العالم الثالث والأمتان من سوء استعماله، إلى ما هي عليه حاله. خلاصة القول في ضوء الزيارة للرئيس الأوكراني إلى الرياض وفي الإضاءة على اكتمال مقومات الدور التوفيقي الذي يمكن أن تقوم به المملكة العربية السعودية، أنه بات للأزمات الإقليمية والدولية على حد سواء مرجعية مكتملة المقومات تحرص الدول الكبرى عند اشتداد مخاطر استعمال النووي على اللجوء إلى حل متجرد لها بمثابة منقذ ورادع لقادة الدول الخمس الكبرى، ومعهم المبتلون بحروب أو الذين يكابدون أزمات وصراعات بالغة الخطورة من نوع الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي يتواصل في قطاع غزة قصفاً وتدميراً وتهجيراً وتجويعاً للشهر الرابع على التوالي. وأما الحرب الروسية - الأوكرانية فإنها في ضوء العلاقة السعودية ذات البعد الاستراتيجي مع أطراف هذه الحرب، وفي ضوء الزيارة التي قام بها الرئيس الأوكراني إلى الرياض، ليضع الأمر أمام الدبلوماسية السعودية لاستكمال مساعي السلام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدور الريادي للدبلوماسية السعودية الدور الريادي للدبلوماسية السعودية



إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:17 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا
  مصر اليوم - رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 21:04 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

فيسبوك يوسع نطاق خدمة الأخبار المحلية

GMT 03:12 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يعلن عن أسباب تسوس الأسنان

GMT 11:40 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

"زيزو" ينفي وجود أي مفاوضات للتجديد للبدري

GMT 09:34 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الألواح الملوّنة يمكنها توفير %20 من الطاقة للمباني

GMT 13:43 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

فلكي مصري يتنبأ بنتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة

GMT 04:16 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إيساف ومحمد رشاد يكشفان جديدهما في "سنة تانية غنا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon