توقيت القاهرة المحلي 02:53:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فائض الاستقواء والاستعظام

  مصر اليوم -

فائض الاستقواء والاستعظام

بقلم : فؤاد مطر

في كوكب بعض المُمسِكين بمقاليد السلطة، الذين في القمة، والذين في بعض المناصب تُوكَل إليهم بالذات، شعور بالاستقواء يُفرِز مع الممارسة شعوراً بالاستعظام، وهذان -الاستقواء والاستعظام- يدفعان بالبعض، عند وصولهما إلى درجة الفائض من الشعور، إلى أن يقولوا من الكلام ما ليس جائزاً قوله، وأن يفعلوا من الفعل ما ليس مستحباً فِعله.

وفي حالنا الحاضرة هذه تعيش المنطقة ظاهرة الاستقواء والاستعظام في أعلى درجاتها قولاً وفعلاً، وتتجسّد في شخص رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي اقترف من أغلظ الكلام وأفجع الاعتداءات ما من شأنه جَعْل الخشية واردة مما قد يكون الأدهى من الاعتداءات والتحديات الصاروخية المتبادلة، ومعها المسيَّرات التي تعكّر صفو المنطقة.

وجاء رد فعل نتنياهو يوم الجمعة 19 - 7 - 2024 على المطالعة الموضوعية لمحكمة العدل الدولية، التي تلاها عبْر الفضائيات على الملأ الدولي رئيس المحكمة نواف سلام، يعكس كم أن الاستعظام مقروناً بالاستقواء بلغ أن نتنياهو وبعض المتشنّجين في طاقمه الحكومي، يستهزئون بما جاء في تلك المطالعة؛ لأنها تؤكّد على حقائق ومبادئ لا جدال في صواب وقانونية مضامينها، ومنها أن بعض فلسطين (المستملَكة أصلاً لليهود بموجب وعد بريطاني؛ وعد بلفور 2 نوفمبر 1917) له وضعية الأرض المحتلة.

ومما قاله نتنياهو، الفاقد حديثاً عموده الفقري الأميركي الواهن الرئيس جو بايدن: «الشعب اليهودي لا يحتل أرضه، ولا عاصمتنا القدس، ولا أرض آبائنا وأجدادنا في يهودا والسامرة (الاسم الذي يطلقه الإسرائيليون على الضفة الغربية المحتلة)، ليس لأي قرار كاذب في لاهاي أن يشوّه هذه الحقيقة التاريخية، ولا يمكن التشكيك في شرعية المستوطنات الإسرائيلية في جميع مناطق أراضينا».

وفي سياق فائض الاستقواء والاستعظام تحضرنا مفردات كلمات، قالها عبد الحليم خدَّام وزير الخارجية السورية، المستقوي برعاية نظام الرئيس حافظ الأسد، في تصريحات أدلى بها وهو في زيارة إلى الكويت (1976)، ومما قاله الوزير خدَّام (الراحل) حول محطة من محطات الأزمة اللبنانية، التي يدير شأنها زمنذاك النظام السوري، ثم يتم تجييرها بطبعة جديدة وبأسلوب مغاير النظام الإيراني بارتضاء ومساندة من جانب سوريا الحالية: «إن محاولات تعريب الأزمة اللبنانية تعني كثرة الطبّاخين، وتعني تشتيت المساعي، وإننا لن نسمح بتقسيم لبنان، وأي مباشرة للتقسيم ستعني تدخُّلنا الفوري؛ لأن لبنان كان جزءاً من سوريا، ولسوف نعيده لدى أي محاولة فعلية للتقسيم...».

إلى ذلك فإن ظاهرة الاستقواء والاستعظام عشنا بعض محطاتها قبل 4 عقود، وبالذات في زمن الحرب العراقية – الإيرانية. وثمة أوجُه تشابه بين قول نتنياهو بغرض دحض وصف الضفة الغربية وقطاع غزة أرضاً فلسطينية محتلة، وأقوال استوقفتنا بوصفنا صحافيين نتابع مجريات الحرب الخمينية – الصدَّامية، تماماً كما استوقفت مئات المسؤولين والدبلوماسيين والعسكريين العرب، الذين استهجنوا قولها، ومن جانب أهل الحكم الإيراني. وللتذكير هنالك على سبيل المثال قول الخميني: «إن إيران ستطالب بفرض سياستها على بغداد إذا ما أصرّ العراق على مطالبته بالجُزر العربية الثلاث»، و«الدخول للأراضي العراقية ليس هجوماً على العراق، بل دفاعاً عن الإسلام والوطن الإسلامي»، و«إن حربنا حرب لا تعرف الحدود والأطر الجغرافية، وعلينا أن نعبّئ ونحشد جنود الإسلام في العالم من أجْل هذه الحرب».

كذلك قول رافسنجاني: «إننا عازمون على أخْذ العراق من يد حزب البعث»، و«إننا سنواصل هذه الحرب بجيشنا وجنودنا حتى احتلال العراق»، و«لا فرق بين البصرة وعبادان، وإذا استطعنا أن نكون بلا عبادان فإننا لا يمكن أن نتخلّى عن البصرة»، و«إن كل منطقة نحتلها من أرض العراق لن نعيدها، وإن مدن العراق هي مدننا»، و«إننا نستطيع تهديد بغداد والضغط عليها في أي وقت نشاء، ومن دون خوف، وأن نسلبها الأمن، وأن نوجّه لها ضربة كبيرة».

لقد بات أصحاب تلك الأقوال في دنيا الآخرة، لم يتحقّق مبتغاهم من اعتماد نهج الاستقواء والاستعظام، ولن يكون بمقدور الطبعة الإسرائيلية نيْل ما ترومه، مهما أوغلت في الاستقواء وممارسة العدوان بكل أنواعه، وبالغت في الاستعظام بتنوع مفردات التعليق على الحقائق بمفردات لا جدوى من فاعليتها، وإن طال الزمن؛ فالاحتلال كما العدوان... حالة ظلم قد يمارس جولاتها لبعض الوقت مستبدٌّ ظالم مُتخَم بالمعونة العسكرية والسياسية من جانب دول ظالمة، تتصدّرها الولايات المتحدة وبريطانيا، ومَن يغرّد في سربهما الصهيوني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فائض الاستقواء والاستعظام فائض الاستقواء والاستعظام



GMT 12:03 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 10:11 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الساحة عربية... والميدان غريب

GMT 10:10 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب ضد «حزب الله» تستهدف نفوذ إيران في لبنان

GMT 10:08 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

أصيلة... مدينة تحتضن قارة

GMT 10:06 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عن الصمعان... مسيرة من العمل العلمي

GMT 10:05 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

كوتس المخيف

GMT 10:04 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

قيادة إيرانية لـ«حزب الله»!

GMT 09:51 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

كتاباى الجديدان.. وحدوتةُ الحاج «مدبولى» (1)

النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:02 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

سترة كيت ميدلتون الأكثر مبيعاً بعد إطلالتها الأخيرة
  مصر اليوم - سترة كيت ميدلتون الأكثر مبيعاً بعد إطلالتها الأخيرة

GMT 21:03 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية
  مصر اليوم - وجهات سياحية مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية

GMT 20:39 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طرق دمج لوحات الفن التجريدي بديكور المنزل لخلق جوّ هادئ
  مصر اليوم - طرق دمج لوحات الفن التجريدي بديكور المنزل لخلق جوّ هادئ

GMT 23:59 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يعلن إطلاق "مرحلة جديدة" في المواجهة مع إسرائيل
  مصر اليوم - حزب الله يعلن إطلاق مرحلة جديدة في المواجهة مع إسرائيل

GMT 14:40 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وسيلة لمنع الحمل قد تزيد من خطر تعرض النساء لسرطان الثدي
  مصر اليوم - وسيلة لمنع الحمل قد تزيد من خطر تعرض النساء لسرطان الثدي

GMT 22:35 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

إنجي المقدم تعود إلى الدراما بعد غياب 3 سنوات
  مصر اليوم - إنجي المقدم تعود إلى الدراما بعد غياب 3 سنوات

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

GMT 00:04 2024 الإثنين ,05 آب / أغسطس

الزمالك يتعاقد مع عمر عزب لاعب كرة السلة

GMT 20:17 2020 الإثنين ,17 شباط / فبراير

مؤشر البورصة العراقية يغلق على ارتفاع

GMT 05:06 2019 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على المواصفات والعيوب الشخصية لمواليد "برج القوس"

GMT 13:50 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

كيفية اختيار ديكورات أسقف مطابخ منزلية عصرية

GMT 12:34 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق فعاليات مؤتمر الإفتاء الخامس بمشاركة علماء 85 دولة

GMT 06:19 2019 الأحد ,07 تموز / يوليو

رسمات أيلاينر مقوس بأسلوب عصري لصيف 2019

GMT 21:06 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

علاء مبارك ينشر مقطع فيديو مؤثر عن والده

GMT 22:43 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة لهيفاء وهبي تُثير الجدل على "إنستغرام"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon