توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استقالة جهاد المقدسي من المعارضة السورية حدث “غير مفاجيء”

  مصر اليوم -

استقالة جهاد المقدسي من المعارضة السورية حدث “غير مفاجيء”

بقلم : عبد الباري عطوان

استقالة السيد جهاد مقدسي، رئيس منصة القاهرة للمعارضة السورية، والمتحدث السابق باسم الخارجية السورية، من العمل السياسي، لاسباب قال انها “تتعلق بظروف العمل والحياة التي طالما حكمت الظروف الشخصية”، مثلما جاء في البيان الذي نشره على حسابه في موقع “الفيسبوك”، هذه الاستقالة لم تكن مفاجئة، لا من حيث مضمونها، ولا من حيث توقيتها، ولا نبالغ اذا قلنا ان السيد المقدسي تأخر فيها، وهو الانسان المعروف بحنكته وذكائه.

عرفنا السيد المقدسي عندما كان دبلوماسيا في سفارة بلاده في لندن، وكان وطنيا عربيا اصيلا، يقدم وجها حضاريا للدبلوماسية السورية الجديدة، من خلال أسلوبه الهاديء الموضوعي، وبلغة إنكليزية رفيعة انعكست في مقابلاته على شاشات التلفزيون البريطاني التي كان يشارك في برامجها بكثافة، ويدافع عن القضايا العربية، والفلسطينية بالذات، بمهنية سياسية ودبلوماسية عالية.

نعترف ان الدكتور المقدسي فاجأنا مرتين، الأولى عندما انشق عن النظام الذي كان يتحدث باسم وزارة خارجيته، بعد نقله من لندن الى دمشق، وربما مرد ذلك الى عدم قدرته على التعايش مع ضغوط مراكز القوى وتغول بعضها، والمرة الثانية عندما انضم الى معسكر المعارضة السورية، وهو الذي عرف تناقضاتها وانقساماتها مبكرا، ودخول اطراف دولية وإقليمية على خط “الثورة السورية” لمصالح تتناقض كليا مع طموحات الشعب السوري في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات وحقوق الانسان والإصلاح السياسي، وبقية القصة معروفة، واستخدامها هذه المطالب المشروعة كغطاء لتدمير البلاد وحل جيشها الذي انخرط في كل الحروب العربية ضد المشروع الصهيوني.
***

استوقفتنا الفقرة التي وردت في بيان السيد مقدسي التي قال فيها “ان استقالتي تأتي في وقت يحاك لسورية سيناريو قذر، لا يود ان يكون جزءا منه، معتذرا عن تقديم تصريحات إضافية”، فقد كنا نتمنى لو انه تخلى عن دبلوماسيته المعروفة، وكشف لنا، وللشعب السوري تفاصيل هذا السيناريو، والجهات التي تقف خلفه، والصورة النهائية لسورية التي يريدها اعداؤها لها، وما اكثرهم هذه الأيام.

المعارضة السورية بالصورة التي كانت عليها في بداية الازمة قبل ست سنوات ونصف السنة انتهت، وجرى اختطافها، وحرفها عن مسارها السلمي الذي جعلها محور التفاف الملايين من السوريين، وتتحمل الولايات المتحدة الامريكية المسؤولية الأكبر في هذا الخصوص، لانها ارادتها، او بعض فصائلها، أداة لتخريب البلاد وتفتيتها جغرافيا وديمغرافيا على أرضية الطائفية والعرقية وتدمير كل أسس التعايش التي ترسخت في نسيجها المجتمعي لعقود.
روبرت فورد السفير الأمريكي الذي كان الداعم الرئيسي لـ”الثورة السورية” في بداياتها الأولى، وذهب بنفسه من دمشق الى بداياتها الأولى في حمص وحماه، اعترف في حديث ادلى به قبل يومين لصحيفة “الشرق الأوسط” ان اللعبة في سورية اوشكت على الانتهاء، ودونالد ترامب لن يصمد امام ايران، وطالب بلاده بالانسحاب من سورية، مثلما انسحبت من بيروت عام 1983، عندما جرى تفجير قوات المارينز ومقتل 241 عنصرا منهم، ولاحقا في العراق، واعترف، أي السفير فورد، بانه اخطأ عام 2013 عندما اعتقد ان الرئيس السوري بشار الأسد سيهرب الى الجزائر، او روسيا، او كوبا، ويترك البلاد لحكومة ائتلافية تحت رئاسة السيد فاروق الشرع، وان “حزب الله” لن يتدخل في الازمة السورية لصالح دعم النظام.

الازمة السورية ارتدت الآن الى عمق الدول التي تدخلت فيها، واججت لهيبها، وضخت مليارات الدولارات وآلاف الاطنان من الأسلحة والمعدات لدعم المعارضة المسلحة على امل اسقاط النظام بأسرع وقت ممكن، فقطر تقف على حافة المواجهة مع حليفتها السعودية التي تفرض عليها حصارا خانقا، وبات السيد عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، يتحدث عن رحيل النظام القطري وليس الرئيس بشار الأسد، بينما حكومته تطالب بابعاد كل شخصيات المعارضة السورية في الهيئة العليا في المفاوضات برئاسة السيد رياض حجاب، والمدعومة من قطر، البحث عن مكان آخر، اما حال تركيا والقلق الذي تعيشه قيادتها في ظل الدعم الأمريكي للاكراد ودولتهم المتوقعة، فلا يحتاج الى شرح.
***

استقالة الدكتور المقدسي من العمل السياسي ربما تكون مقدمة لاستقالات أخرى تشاطره القلق والشعور نفسه على المآل المأساوي الذي وصلت اليه المعارضة السورية، والوطن السوري، واقتراب الازمة من اسدال الستار على فصلها الأخير، في ظل تقدم الجيش السوري، واستعادة معظم الأراضي السورية، وقرب اخراج “الدولة الإسلامية” من مدينتي الموصل والرقة، وبدء الاستعداد لاقتحام اهم معاقل “جبهة النصرة” و”احرار الشام” ومن تحالف معهما في مدينة ادلب، معقلهم الأهم والأخير.

اين سيذهب الدكتور المقدسي، لا نعرف، ولكننا نتكهن بأن عودته الى سورية في نهاية المطاف غير مستبعدة، سواء في غضون اشهر او اكثر قليلا، وسيعود الى الحكومة، ليس متحدثا باسم الخارجية، وانما في منصب اعلى بكثير.. لانه لم يفجر في خصومته، ولم يتخل عن الثوابت الوطنية، ولم يتخذ من العواصم التي تورطت في مخططات تفتيت بلاده مقرا له.. والله اعلم... لماذا اختار هذا التوقيت؟ وما طبيعة “السيناريو القذر” الذي لا يريد ان يكون جزءا منه؟ ومن هي الشخصيات الأخرى التي ستحذوا حذوه قريبا؟ وهل سيعود الى دمشق ومتى؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استقالة جهاد المقدسي من المعارضة السورية حدث “غير مفاجيء” استقالة جهاد المقدسي من المعارضة السورية حدث “غير مفاجيء”



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon