توقيت القاهرة المحلي 10:32:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بريطانيا وألمانيا... وقفُ نارٍ مستدام

  مصر اليوم -

بريطانيا وألمانيا وقفُ نارٍ مستدام

بقلم : ديفيد كاميرون وأنالينا بيربوك

إننا نجتاز أوقاتاً صعبة وخطيرة. والمشاهد الكارثية في الشرق الأوسط منذ الهجوم البشع الذي شنته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) تُجسِّد ذلك. ونحن كأبويْن، ينفطر قلبانا حُزناً عندما نرى هذا العددَ الكبيرَ من الأطفال الذين يُقتلون أو يصابون بجراح، بل إنَّ مقتلَ كل إنسان بريء في 7 أكتوبر وما بعده يُعد مأساةً بحدّ ذاتها. عائلاتٌ في حالة حداد، ومجتمعات في حالة ذهول، وأزمةٌ تلفُّ المنطقة كلَّها.

ما من أحدٍ منَّا يريد لهذا الصراع أن يدومَ لحظةً واحدةً أطول مما يلزم. وإذ ينتمي أحدنا إلى حزب المحافظين البريطاني والآخر لحزب الخُضر الألماني، فإنَّ لنا تقاليدنا السياسية المختلفة تماماً عن بعضها البعض. لكن كلاً منا دخل المعترك السياسي معتقدين أنَّه بالإمكان، حتى في أحلك اللحظات، تغيير وضع بائس نحو الأفضل. وها نحن اليوم شريكان في التوق إلى السلام في الشرق الأوسط، كما في أي مكان آخر حول العالم.

 ونحن نعلم من خلال تعاملنا مع المنطقة والنقاش في بلديْنا أن هذه المشاعر تتملّك الناس على نطاق واسع. أما المتطرفون مثل «حماس» فهم وحدهم الذين يريدون لنا أن نعلق في دوامة لا نهاية لها من العنف، مُضحّين بمزيد من الأرواح البريئة من أجل آيديولوجيتهم المتعصبة.

لكن لا يمكن أن يكون هدفنا مجرد وضع نهاية للقتال اليوم، بل يجب أن يكون سلاماً دائماً لأيامٍ وسنوات وأجيال. وعليه، فإننا نؤيد وقف إطلاق النار، ولكن فقط إذا كان مستداماً.

ونحن نعلم أيضاً أن كثيرين في المنطقة وخارجها واصلوا الدعوة إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار. وإننا ندرك ما الذي يحفز هذه الدعوات الصادقة. إنه رد فعل مفهوم على هذه المعاناة الشديدة، ونحن أيضاً مع الرأي القائل إنَّ هذا الصراع لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.
ومن هذا المنطلق، دعمنا الهُدن الإنسانية مؤخراً. لقد رأينا في نهاية تشرين الثاني أن للهُدن جدواها؛ ولذلك فإننا نعزز المساعي الدبلوماسية للاتفاق على هُدَنٍ أخرى من أجل إدخال مزيد من المساعدات، وإخراج مزيد من الرهائن.

حيث لا يزال هناك أكثر من 130 رهينة في غزة. ولكل منهم أقارب وأحباء يعيشون في خوف وقلق. على «حماس» إطلاق سراحهم جميعاً على الفور. فمن شأن قساوة احتجازهم أن تؤدي فقط إلى تأخير التقدم نحو السلام.

ومع ذلك لا بدّ لنا أن نكون واضحين هنا؛ فنحن لا نعتقد أن الدعوة الآن إلى وقف عام وفوري لإطلاق النار، على أمل أن يصبح دائماً بشكل أو بآخر، هي السبيل المثلى للمستقبل.

فهذه السبيل تتجاهل السبب الذي اضطَرّ إسرائيل إلى الدفاع عن نفسها؛ فقد هاجمت «حماس» إسرائيل بشراسة، وما زالت تطلق الصواريخ يومياً لقتل المواطنين الإسرائيليين. على «حماس» أن تلقي سلاحها.

دعونا نتخيل أننا ضغطنا على إسرائيل لوقف جميع العمليات العسكرية على الفور، فهل ستتوقف «حماس» عندئذ عن إطلاق الصواريخ؟ وهل ستطلق سراح الرهائن؟ وهل ستتغير آيديولوجيا القتل عندها؟

إن وقف إطلاق النار غير المستدام، والذي ينهار بسرعة ويتحول إلى مزيد من العنف، لن يؤدي إلا إلى زيادة صعوبة بناء الثقة اللازمة لتحقيق السلام.

ويتعين علينا أيضاً أن نفكر ملياً في طبيعة أي اتفاق سلام طويل الأمد؛ فقد كان من الصعب تصوُّر «حماس» شريكاً حقيقياً للسلام حتى قبل يوم 7 أكتوبر، ولا يمكن أن تكون لدينا أي أوهام بهذا الشأن بعد ذلك اليوم. إن ترك «حماس» على رأس السلطة في غزة سيكون بمثابة عقبة دائمة على الطريق إلى حل الدولتين.

لقد التقى كلانا بالناجين من أحداث 7 أكتوبر، ولقد شعر كلانا بآلام المدنيين الفلسطينيين الذين فقدت عائلاتهم أرواحها. ليس لدينا أي شك على الإطلاق بأننا لا نستطيع أن نتوقع من الإسرائيليين أن يعيشوا جنباً إلى جنب مع مَن نَذَروا أنفسهم لتكرار الفظائع التي ارتكبتها «حماس». ولا يمكننا أن نتوقع من الفلسطينيين أن يعيشوا بين من يعرضونهم للخطر بكونهم يكمنون تحت منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم.

لكن هذا لا يعني أنه ليس باستطاعتنا الآن أن نفعل أي شيء. إن من واجبنا أن نبذل كل ما بوسعنا لتمهيد الطريق أمام وقف دائم لإطلاق النار، يُفضي إلى سلام مستدام. وكلما جاء هذا مبكراً، كان ذلك أفضل – فلا مجال للانتظار.
ومن جهتنا، سنركز على مجالات حيوية ثلاثة.

أولاً، يحق لإسرائيل، مثل أي دولة أخرى في العالم، الدفاع عن نفسها، بيْدَ أنها بفعل ذلك يتعين عليها أن تلتزم القانونَ الدولي الإنساني؛ فإسرائيل لن تنتصر في هذه الحرب إذا أدّت عملياتها العسكرية إلى القضاء على احتمالات التعايش السلمي مع الفلسطينيين. لإسرائيل الحق في القضاء على التهديد الذي تشكله «حماس»، ولكن عدداً كبيراً جداً من المدنيين قُتلوا. وعليه، يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تفعل المزيد للتمييز بشكل كافٍ بين الإرهابيين والمدنيين، وتتأكد بالتالي من أن حملتها تستهدف قيادات «حماس» والمقاتلين في صفوفها.

ثانياً، يجب أن نعمل على إدخال المزيد من المساعدات للأهالي الفلسطينيين. إن قلبينا ينفطران حُزناً عندما نرى الأطفال تحت أنقاض منازلهم المدمرة، ولا يعرفون أين يجدون الطعام أو الماء، ولا يعرفون مكان آبائهم وأمهاتهم. لذلك زدنا حجم تمويلنا للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وإيصال الإمدادات المنقذة للحياة إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها.

وكلانا ملتزم ببذل مزيد من الجهد. ونرحب بإعادة فتح إسرائيل معبر كرم أبو سالم. إننا بحاجة إلى توصيل المساعدات إلى غزة دون عوائق وبشكل مباشر عبر أكبر عدد ممكن من نقاط العبور، حتى يتسنى بدء تدفق كميات من المساعدات أكبر كثيراً مما نشهده حالياً.

وأخيراً، يتعين على كل الذين يريدون إنهاء المعاناة أن يعملوا معاً على إيجاد حل يوفر الأمن على المدى الطويل لكلا الشعبين. ولشركائنا العرب، على وجه الخصوص، دور حيوي يقومون به في هذا الشأن؛ فقد أظهروا التزاماً إنسانياً قوياً، ولديهم ثقل سياسي أكبر على طاولة المفاوضات. إن تأجيج التطرف يشكل تهديداً علينا جميعاً، وليس على الإسرائيليين والفلسطينيين وحسب.

إنَّ حلَّ الدولتين يتطلب وجود إحساس بالأمان لدى الجانبين للعيش جنباً إلى جنب. لكن يسعى المستوطنون المتطرفون في الضفة الغربية إلى تخريب أي جهود من هذا القبيل، ويستخدمون العنف لترحيل الفلسطينيين عن منازلهم بالقوة. وإننا ندين بشدة هذه الأعمال البغيضة.

ويحتاج الفلسطينيون إلى فريق من القادة الذين يستطيعون منحهم الأمن والحكم الرشيد اللذين يستحقونهما. ولا مناص لنا من ضمان عدم تكرار أعمال العنف التي نشهدها الآن؛ فتلك الطريق الوحيدة لتحقيق السلام الدائم.

قد يبدو من الصعب خلال أزمة كهذه التفكير فيما يبدو كأنها نهاية بعيدة عن متناولنا. ولكن لا مناص من ذلك؛ فنحن نريد أن يتوقف القتال، ليس اليوم فقط، بل في المستقبل أيضاً. ونريد نهاية للقتل ليس اليوم وحسب، بل في المستقبل أيضاً. إننا نريد السلام للأطفال الإسرائيليين والفلسطينيين، اليوم وفي المستقبل. إن هذا العدد الكبير من الخسائر المأساوية بالأرواح يجبرنا على التحرك اليوم، مع التركيز في الوقت نفسه على كيفية تحقيق هذا الهدف في المستقبل.

ديفيد كاميرون وزير الخارجية البريطاني وأنالينا بيربوك وزيرة الخارجية الألمانية*

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريطانيا وألمانيا وقفُ نارٍ مستدام بريطانيا وألمانيا وقفُ نارٍ مستدام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon