توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأسير وغياب العدالة

  مصر اليوم -

الأسير وغياب العدالة

عبد الرحمن الراشد

من المفارقة أن يتم الاحتفاء بالقبض على الداعية المتطرف الهارب أحمد الأسير، في وقت هناك على الأقل ثلاثة من المطلوبين دوليًا يحتسون القهوة في الضاحية، جنوب بيروت، دون أن تتجرأ الأجهزة الأمنية على اعتقالهم.
تعتقل الأسير بتهم مثل التحريض، وعرقلة سير العدالة، ولا تعتقل المطلوبين الأحياء الثلاثة، المتهمين بقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
الأسير يستحق اعتقاله على تطرفه وتحريضه ومحاولته تحدي الدولة، لكن العدالة اللبنانية صارت محل سخرية العالم، عندما تتجاهل السلطات متهمين بجريمة أعظم، مثل قتلة الحريري، تفاديًا لإغضاب حزب الله.
وغالبية السنة لا يهمهم كثيرًا اعتقال الأسير، إنما يغضبون من ازدواجية المعايير، والظلم الصريح ضدهم.
بروز أحمد الأسير هدد التركيبة الاجتماعية السياسية القديمة لطائفته السنية. بإعلانه أنه يمثلها، ويدافع عنها، في مواجهة تنظيمات حزب الله، أحرج القيادات التقليدية. وهو في الحقيقة كان ظاهرة صوتية، ولم يكن قادرًا على بناء تنظيم ميليشيا سنية، وعندما حاول فشل. الزعامات السنية في لبنان مدنية دائمًا. وهذه التركيبة المدنية الرافضة للتسلح، عزز موقفها، بخلاف ما يظنه البعض، وجنب الطائفة، ولبنان عمومًا، حالة حرب أهلية ثانية.
نجاح شعبية الأسير القصيرة سببه أنه عزف على وتر المظالم السنية، وحاول التكسب دعائيًا ضد حزب الله في القضية السورية، التي كانت تمثل أكبر جرح للسنة بشكل عام. وعندما وجد الأسير نفسه فجأة وسط الاهتمام اللبناني، والإقليمي أيضًا، كشف عن غوغائيته ضد قيادات طائفته السنة. حاول اللعب على المتناقضات المحلية. فهاجم، وحرض، على سعد الحريري، بحجة أنه لم يدافع عن طائفته في وجه حزب الله. ثم اصطف مع المتطرفين ضد السعودية ربما لينسجم موقفه مع مموليه، رغم أن السعودية كانت الداعم الأكبر للثورة السورية. مواقفه المتعددة والمتناقضة كشفت عن شخصية زعيم انتهازي.
والأسير يرى في زعيم الشيعة حسن نصر الله نموذجًا يريد أن يصبح مثله، زعيمًا دينيًا سياسيًا للسنّة، لكن ما كان ذلك ممكنًا في لبنان دون دعم خارجي كبير. نصر الله وحزبه ما كان لهم وجود لولا إيران، التي التزمت طوال ثلاثة عقود بتمويل وتدريب وإدارة الحزب لمصالحها العليا في المنطقة. وجاء ذلك على حساب المجتمع الشيعي اللبناني الذي همشت قياداته المدنية المعتدلة، وطغى المتدينون المتطرفون على حياة الإنسان الشيعي، واختطف الحزب أبناء الطائفة فكريًا وعسكريًا، ليكونوا ميليشيا في خدمة الممول الإيراني السوري، فحاربوا وحدهم إسرائيل لعقود، وهم الآن يحاربون للدفاع عن نظام الأسد في سوريا.
هذا الوضع ليس مقبولاً عند السنّة، ولا توجد حكومات إقليمية سنية مستعدة لبناء ميليشيات تتبعها، لأنها لا تملك مشاريع توسعية أو صدامية. وحتى الحكومات التي استغلت الأسير ودعمته سرعان ما تخلت عنه وباعته سريعًا.
ومع أن الأسير يستحق الإيقاف والمحاسبة، لكن العدالة في لبنان تبدو في أسوأ أيامها، فهي تعتقل داعية دينيًا فقط لغوغائيته وتحريضه، وتترك مجرمين قتلة طليقي السراح لأنهم في حماية حزب الله!
كل من يشاهد هذا الموقف المحرج، والمخجل، للدولة اللبنانية، يرى دولة تعامل مواطنيها درجات.. قانون لمواطني حزب الله وقانون للآخرين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسير وغياب العدالة الأسير وغياب العدالة



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon