توقيت القاهرة المحلي 21:44:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام

  مصر اليوم -

التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام

عبد الرحمن الراشد

من صالح الإسلام، ومن صالح المسلمين في الغرب، أن تكون هناك إجراءات مشددة وقاسية تشريعية وأمنية ضد الجماعات المتطرفة، حتى لو لم يرتكبوا أعمال عنف. إنها الطريق الوحيد لإنقاذ ملايين المسلمين وحماية الإسلام من أهله الذين شوهوه. عندما تتخذ الحكومات الغربية مواقف صارمة بطرد الدعاة المتطرفين، أو إغلاق جمعيات، أو ملاحقة جماعات دينية، فإنها بذلك تحمي المسلمين من متطرفيهم، وتحميهم أيضا من غضب الأغلبية غير المسلمة التي لم تعد تقبل سكوت حكوماتها على الرعب الذي بثه «داعش» والمتطرفون بشكل عام. علينا ألا ننظر إليه كعمل عنصري، رغم وجود العنصرية هناك، ولا أن نقلل من حجم الصدام المتوقع مع المجتمع في الغرب، الذي صار يتجه إلى المزيد من العداء والكراهية للمسلمين نتيجة الأعمال البشعة التي يرتكبها مسلمون باسم الإسلام.
المعركة هناك متعددة الجبهات، ففي الساحة الفرنسية يقدر عدد المسلمين بنحو خمسة ملايين، وفرنسا أكثر بلد أوروبي تعرض لاعتداءات تنظيمات إرهابية تحمل اسم الإسلام مثل «داعش». وفرنسا، مثل بريطانيا والدنمارك وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، وجدت نفسها عند التعامل مع المسلمين في إشكالات متعددة، دينية وأمنية وسياسية وبالطبع قانونية. ولأن الخطر ثقافي وأمني في وقت واحد، لا بد أن تُمارس الدولة سلطتها لحماية المجتمع الكبير، فكيف يمكن لها أن تطرد المتطرفين إذا كانوا مواطنين؟ وكيف تستطيع أن تبعد المقيمين إقامة شرعية إذا ثبت انغماسهم في نشاطات متطرفة دون حمل للسلاح؟ والأهم من هذا كله هو كيف يمكن تحصين عشرات الآلاف من الشباب من مسلمي فرنسا من استحواذ المتطرفين عليهم وتحويلهم إلى أعداء لدولتهم التي يحملون جنسيتها؟
الجدل مشتعل في معظم الدول الأوروبية، غالبية مواطنيها الخائفين على بلدهم وأنفسهم تتهم حكوماتها بالتقاعس، ومن جهة أخرى هناك مواطنوها المسلمون الملتزمون بالقانون يرفضون أيضا القوانين التمييزية ضدهم، أو ممارسات الحكومة التي تستهدفهم نتيجة الضغوط الشعبية عليها بسبب فعل أقلية متطرفة. مع هذا من المتوقع أننا سنشهد المزيد من القوانين الصارمة التي تستهدف الجماعات المتطرفة، وعسى أن تفرق بينهم وبين غالبية المُسلمين، وإن كان هذا سيأتي على حساب الحقوق والحريات.
الوضع لا يختلف كثيرا عن الإشكالات التي تمر بها الحكومات العربية نفسها، التي تجد نفسها مضطرة لملاحقة المتطرفين، بمن فيهم الذين لم يحملوا السلاح، وتحاول إقناع مواطنيها بأن الوضع استثنائي بما يبرر لها فرض قرارات استثنائية. فتونس بسبب التفجير الأخير ستفقد السياحة، حيث نجح المتطرفون بعملية إرهابية واحدة في ضرب مورد الحكومة المالي الرئيسي، وبسببها سيقاطع السياح من أنحاء العالم تونس. لهذا اضطرت إلى إعلان جملة قرارات من بينها إغلاق مساجد لجماعات متطرفة، وبدأت اعتقالات واسعة. المغرب بدوره طلب من العاملين في المجال الديني ألا ينخرطوا في العمل الحزبي والسياسي. مصر أعلنت أنها بصدد مصادرة المنشورات المتطرفة، وأنها تنوي دعم الدين الوسط فقط. وبعض الدول الخليجية بدأ التضييق على منابر التطرّف، ومن المتوقع إغلاق قنوات الفتنة مثل «وصال» وغيرها. وسيحذو حذوهم المترددون العرب، وسيسيرون في نفس الطريق ضد التطرف، لأننا سنشهد المزيد من الجرائم، ولأنه ثبت للجميع، عقلا وعملا، وجود علاقة متينة بين التطرّف والإرهاب.
في فرنسا الضغوط كبيرة على الحكومة. فقد هزت المجتمع سلسلة جرائم متتالية ارتكبت باسم الإسلام، آخرها جريمة رجل اسمه ياسين الصالحي في مدينة ليون قطع رأس شخص هزت مشاعر الناس، شعروا كما لو أن فرنسا صارت مثل سوريّا، ودفعتهم إلى التظاهر أمام المساجد تنديدًا واستنكارا، أي أن الإسلام صار هو المتهم وليس صالحي أو «داعش».
وبسبب الضغوط الشعبيّة حاول وزير الداخلية طمأنة الغالبية معلنا للناس أنّه متشدد ضد متطرفي المسلمين، «طردنا منذ 2012 (أي منذ تاريخ وصول الرئيس فرنسوا هولاند إلى الرئاسة) 40 من الأئمة ودعاة الحقد، بينما لم يُطرد إلا 15 منهم خلال السنوات الخمس السابقة، ونحقق في 22 ملفًا حاليًا». وقال إنهم بصدد إغلاق الكثير من الجمعيات الإسلامية المشبوهة.
هذه نتيجة طبيعية للفكر المتطرف الذي ظن أن المجتمعات المتسامحة في الغرب أرضا رخوة يمكن له أن يحتضن فيها ويولد عليها المتطرفون، ويستطيع أن يغيرها بناء على مواصفاته وقوانينه. كل ما فعله المتطرفون أنهم لَمْ يؤذوا الغرب بَلْ آذوا المعتدلين من المسلمين، وأساءوا للإسلام الذي وجد مكانة كبيرة خارج موطنه الأصلي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام التضييق على المتطرفين يحمي الإسلام



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon