توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصوفي الدوري و«داعش» المتطرف

  مصر اليوم -

الصوفي الدوري و«داعش» المتطرف

عبد الرحمن الراشد

رغم أن نتائج الحمض النووي لم تُعلن بعد، فيما إذا كان القتيل، صاحب اللحية الحمراء، حقًا هو عزة الدوري، فإن الحديث عن هذا الرجل الذي كان شخصية هامشية في عهد صدام حسين، أخذ أكبر مما يستحق. فالصراع في العراق يلفه غموض نتيجة التحالفات المتعددة والمتغيرة. وما نقلته صحيفة «واشنطن بوست» أن تنظيم داعش المتطرف يقاد من قبل بعثيين من جيش صدام حسين المنحل، فيه الكثير من الصحة، لكن هذا لا يعني أن «داعش» تنظيم بعثي خفي، أو بالضرورة يدار بالكامل من قبل ضباط بعثيين سابقين. فقد سبق لتنظيم القاعدة أن استخدم أفرادا وجماعات مختلفة لتعزيز قدراته، وتحالف طويلا مع نظام طهران، ولا يزال يستضيف بعض قياداته في إيران، ولا بد أن تنظيم القاعدة سابقا و«داعش» استعان بضباط الجيش السابق الأكثر كفاءة وخبرة، وسبق لهم خوض حروب معقدة.
في نظري «داعش» ليس بعثيا كما يروج له، بل هو تنظيم القاعدة المطور، بنفس المبادئ والأهداف. أيضا، معظم قيادات البعث من الجيش العراقي المنحل هم في عمر كبير لا يسمح لهم بهذه القدرة على إدارة تنظيم معظمه من الصغار، وله مبادئ دينية متطرفة. الذي نعرفه أن ما يسمى بفدائيي صدام، وهي فرقة رعب اشتهرت بجرائم مروعة، معظمها انتقل إلى سوريا، وبقيت تحت إدارة نظام الأسد طوال السنوات الماضية الذي استخدمها في حروبه الداخلية، وقبلها الخارجية.
أما عزة الدوري، الذي عرفناه خلال السنوات الماضية كصوت نظام صدام الناجي الوحيد، فإنه لم يظهر ولا مرة واحدة على التلفزيون، وكل بياناته المذاعة القليلة صوتية. وقد التقاه بعض الأشخاص، الذين أثق برواياتهم، أكدوا أنه هو بالفعل ولا يزال فاعلا في الساحة العراقية، وإن كان يعيش في مخابئ سرية. ومع أن الذين التقوه رووا أنه قال لهم إنه ورجاله يقودون «داعش»، فإنني أثق أنها مبالغات من الدوري ورفاقه ضمن محاولة الحصول على دعم لجماعته. وقد فضح هذه المبالغة ما حدث في يوليو (تموز) الماضي عندما استجدى الدوري من «داعش» إطلاق سراح المعتقلين من جماعته، لكن التنظيم تجاهله وقام بإعدامهم، وهم اثنا عشر من جيش النقشبندي الذي يدين بالولاء للدوري.
ولا ننسى أن التناقض بين الجماعة النقشبندية وفكر «داعش» كبير جدا، يرقى إلى اعتبار الاثنين عدوين لدودين. «داعش» إلى اليوم تهدم مداراتهم ومساجدهم وتحاربهم. وقد سبق للعثمانيين استخدام النقشبنديين لمحاربة «السلفيين» المتطرفين، حيث يصفون بعضهم البعض بالكفار. وهي جماعة صوفية من وسط آسيا، ومنتشرة في تركيا، ولا يمكن أن تكون في نفس المعسكر مع تنظيم داعش، اللهم في حالات مؤقتة كالتعاون ضد عدو مشترك، وهذا ما حدث لفترة وجيزة خلال الصدامات الماضية ضد قوات المالكي الذي لم يفرق بين معارضيه.
ولا أظن أن الدوري كان شخصية فعالة، كما يوصف ويروج له. فقد كان في عهد صدام يوصف بأنه ضعيف، ومحل سخرية الحزب، تحت سلطة رئيسه الذي عرف بخوفه من المحيطين به. وقلة نجت من تصفيات صدام، بمن فيهم أقاربه، الدوري لأنه لم يمثل خطرا محتملا وظل محل ثقة رئيسه. كما كان صدام يكره رجال الدين ويخشاهم، وشعر بخطر أقل من جماعة الطريقة النقشبندية، كونها أقلية داخل المجتمع السني، وصوفية، وبعيدة عن مطامع الحكم. ولم نر من الدوري نشاطا حقيقيا سوى رمزيته، كونه آخر رجال صدام الباقين خارج السجون والمقابر.
والدعاية الكبيرة التي رافقت الحديث عن مقتل الدوري قبل أيام، كانت تهدف إلى رفع المعنويات لقوات الحكومة في العراق، لكنه ليس مهما حيّا أو قتيلا. الرجال الأخطر لا يزالون بعيدين عن نيران قوات الجيش وميليشيات الحشد الشعبي، والذين سيمثلون تهديدا طويل الأجل ما لم يعِ رئيس الحكومة، وبقية القوى العراقية، أن الحل ليس عسكريا فقط، بل مصالحة مع بقية مكونات العراق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصوفي الدوري و«داعش» المتطرف الصوفي الدوري و«داعش» المتطرف



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon