توقيت القاهرة المحلي 18:32:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصوفي الدوري و«داعش» المتطرف

  مصر اليوم -

الصوفي الدوري و«داعش» المتطرف

عبد الرحمن الراشد

رغم أن نتائج الحمض النووي لم تُعلن بعد، فيما إذا كان القتيل، صاحب اللحية الحمراء، حقًا هو عزة الدوري، فإن الحديث عن هذا الرجل الذي كان شخصية هامشية في عهد صدام حسين، أخذ أكبر مما يستحق. فالصراع في العراق يلفه غموض نتيجة التحالفات المتعددة والمتغيرة. وما نقلته صحيفة «واشنطن بوست» أن تنظيم داعش المتطرف يقاد من قبل بعثيين من جيش صدام حسين المنحل، فيه الكثير من الصحة، لكن هذا لا يعني أن «داعش» تنظيم بعثي خفي، أو بالضرورة يدار بالكامل من قبل ضباط بعثيين سابقين. فقد سبق لتنظيم القاعدة أن استخدم أفرادا وجماعات مختلفة لتعزيز قدراته، وتحالف طويلا مع نظام طهران، ولا يزال يستضيف بعض قياداته في إيران، ولا بد أن تنظيم القاعدة سابقا و«داعش» استعان بضباط الجيش السابق الأكثر كفاءة وخبرة، وسبق لهم خوض حروب معقدة.
في نظري «داعش» ليس بعثيا كما يروج له، بل هو تنظيم القاعدة المطور، بنفس المبادئ والأهداف. أيضا، معظم قيادات البعث من الجيش العراقي المنحل هم في عمر كبير لا يسمح لهم بهذه القدرة على إدارة تنظيم معظمه من الصغار، وله مبادئ دينية متطرفة. الذي نعرفه أن ما يسمى بفدائيي صدام، وهي فرقة رعب اشتهرت بجرائم مروعة، معظمها انتقل إلى سوريا، وبقيت تحت إدارة نظام الأسد طوال السنوات الماضية الذي استخدمها في حروبه الداخلية، وقبلها الخارجية.
أما عزة الدوري، الذي عرفناه خلال السنوات الماضية كصوت نظام صدام الناجي الوحيد، فإنه لم يظهر ولا مرة واحدة على التلفزيون، وكل بياناته المذاعة القليلة صوتية. وقد التقاه بعض الأشخاص، الذين أثق برواياتهم، أكدوا أنه هو بالفعل ولا يزال فاعلا في الساحة العراقية، وإن كان يعيش في مخابئ سرية. ومع أن الذين التقوه رووا أنه قال لهم إنه ورجاله يقودون «داعش»، فإنني أثق أنها مبالغات من الدوري ورفاقه ضمن محاولة الحصول على دعم لجماعته. وقد فضح هذه المبالغة ما حدث في يوليو (تموز) الماضي عندما استجدى الدوري من «داعش» إطلاق سراح المعتقلين من جماعته، لكن التنظيم تجاهله وقام بإعدامهم، وهم اثنا عشر من جيش النقشبندي الذي يدين بالولاء للدوري.
ولا ننسى أن التناقض بين الجماعة النقشبندية وفكر «داعش» كبير جدا، يرقى إلى اعتبار الاثنين عدوين لدودين. «داعش» إلى اليوم تهدم مداراتهم ومساجدهم وتحاربهم. وقد سبق للعثمانيين استخدام النقشبنديين لمحاربة «السلفيين» المتطرفين، حيث يصفون بعضهم البعض بالكفار. وهي جماعة صوفية من وسط آسيا، ومنتشرة في تركيا، ولا يمكن أن تكون في نفس المعسكر مع تنظيم داعش، اللهم في حالات مؤقتة كالتعاون ضد عدو مشترك، وهذا ما حدث لفترة وجيزة خلال الصدامات الماضية ضد قوات المالكي الذي لم يفرق بين معارضيه.
ولا أظن أن الدوري كان شخصية فعالة، كما يوصف ويروج له. فقد كان في عهد صدام يوصف بأنه ضعيف، ومحل سخرية الحزب، تحت سلطة رئيسه الذي عرف بخوفه من المحيطين به. وقلة نجت من تصفيات صدام، بمن فيهم أقاربه، الدوري لأنه لم يمثل خطرا محتملا وظل محل ثقة رئيسه. كما كان صدام يكره رجال الدين ويخشاهم، وشعر بخطر أقل من جماعة الطريقة النقشبندية، كونها أقلية داخل المجتمع السني، وصوفية، وبعيدة عن مطامع الحكم. ولم نر من الدوري نشاطا حقيقيا سوى رمزيته، كونه آخر رجال صدام الباقين خارج السجون والمقابر.
والدعاية الكبيرة التي رافقت الحديث عن مقتل الدوري قبل أيام، كانت تهدف إلى رفع المعنويات لقوات الحكومة في العراق، لكنه ليس مهما حيّا أو قتيلا. الرجال الأخطر لا يزالون بعيدين عن نيران قوات الجيش وميليشيات الحشد الشعبي، والذين سيمثلون تهديدا طويل الأجل ما لم يعِ رئيس الحكومة، وبقية القوى العراقية، أن الحل ليس عسكريا فقط، بل مصالحة مع بقية مكونات العراق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصوفي الدوري و«داعش» المتطرف الصوفي الدوري و«داعش» المتطرف



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon