توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العراق على طريق سوريا

  مصر اليوم -

العراق على طريق سوريا

عبد الرحمن الراشد

الموضوع في العراق ازداد تعقيدا، مع هذا ليس صعبا فهم الوضع في العراق من خلال متابعة ما يجري في الجارة سوريا. فالبلدان في حال انتقال سياسي مغمس بالدم، الفارق أن العراق سبق في المعاناة والفراغ الأمني وانعدام الوزن السياسي. ولا يزال الوضع غير محسوم في البلدين، وكلا النظامين يخوض معارك بقاء حاسمة، في ساحة متشرذمة إلى قوى مختلفة، ومتشابهة في البلدين. «القاعدة»، ووصيفاتها، والميليشيات الشيعية في العراق، تقابلها العلوية في سوريا، وقوات النظامين المنهكة، والدعم الأجنبي العسكري واللوجستي.
في أرض النهرين تتشابه الجغرافيا، يمتد نهرا دجلة والفرات موازيين لامتداد العشائر، ويلتقي على أرض ما بين النهرين التاريخ والقدر. وليس مصادفة أن نظامين بعثيين حكما العراق وسوريا بالأسلوب العسكري القمعي نفسه، ثم دبت عدوى الفوضى بعد سقوط الأول، وانتقلت إلى الثاني.
العراق هو الحدث المتطور اليوم. وحتى ندرسه، فلننظر إلى التطورات الأخيرة من خلال تقسيم العراق إلى ثلاثة ملاعب سياسية عسكرية؛ مناطق مضطربة في الشمال والغرب، ومناطق مهددة أو متورطة، حيث مركز الحكم في بغداد ومحيطها، ومناطق هادئة لكنها قلقة، مثل الجنوب وكردستان.
ثلاث محافظات كبيرة، الأنبار ونينوى وصلاح الدين، فيها تمرد واسع على الدولة، أنهى سلطة بغداد بشكل شبه كامل. وهذا التمرد، الذي يقوده «داعش»، وهو التنظيم الأعظم وحشية وشجاعة في العالم. وتسير خلفه مجاميع مسلحة متمردة من أهالي المنطقة، غاضبة مستعدة للقتال إلى جانب فريق يقاتل الحكومة وممثلي النظام. تقريبا، السيناريو السوري نفسه؛ ففي بدايات ظهور «داعش» و«جبهة النصرة» تحالف معهما الجيش الحر المعارض لنظام الأسد، ليكتشف الثوار السوريون أن أهداف تنظيمي القاعدة هذين مختلفة عن أهدافهم، بل أصبحا عدوين لا يقلان خطرا عن قوات نظام الأسد، لهذا نشب الاقتتال بينهم.
المتمردون المسلحون في محافظة نينوى، وقبلها الأنبار، عددهم هائل جدا، إلى جانب بضعة آلاف من «داعش». الأكثرية جنود نظاميون سابقون من زمن صدام. هذا الكوكتيل المسلح قادر على تأليف قوة ضخمة تهدد العاصمة بغداد، لكن الأرجح أنها ستنتهي بالمصير نفسه الذي مر به الثوار السوريون. سيتقاتل المتحالفون، المتمردون المسلحون، والعشائريون المساندون لهم، مع هذه الجماعات الإرهابية. سيتكرر سيناريو الأنبار، عندما تحالفت عشائر الأنبار مع القوات الأميركية ضد «القاعدة»، بعد أن أصبحت تهددهم، وتنوي الاستيطان في مناطقهم، وحكمهم من خلال أمرائها وفقهائها.
حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في ورطة، رغم أنها متواطئة مع «داعش»، من خلال تعمدها الانسحاب السريع وترك مدينة الموصل تسقط بلا قتال. فهي من جانب، تريد معاقبة خصومها، مثل الزعيم الموصلي أسامة النجيفي، بترك مناطقهم فريسة للفوضى والإرهاب. ومن جانب آخر، تخشى الحكومة أن ينتقل الخطر إلى مناطق نفوذها، مثل بغداد. ومن الطبيعي أن هذا الغول سيكبر وسيهدد الجميع. ولهذا كان مثيرا للاستغراب، والاستنكار، عندما طلب المالكي منحه حق إعلان حالة الطوارئ. فعليا، لا يحتاجه، لأنه يحكم منذ زمن بنظام مشابه للطوارئ. يدير العراق فرديا؛ هو وزير الدفاع ووزير الداخلية وقائد القوات المسلحة والاستخبارات والمالية، ويشرف على القضاء! وبالتالي، لا يحتاج لإعلان الطوارئ إلا ربما لغرض واحد؛ البقاء في الحكم فترة طويلة، بتأجيل اختيار رئيس وزراء بديل له.
فالمالكي شخصية ديكتاتورية، متشبث بالحكم، وقد ضج منه حلفاؤه قبل خصومه، والتقت القوى الشيعية التي سبق أن اختارته قبل أربع سنوات، تطالب بعدم التجديد له هذه المرة. إلا أنه مستعد لإحراق العراق، إن كان ذلك يمكّنه من البقاء، بحجة الأمن والطوارئ. تقريبا، سلوك بشار الأسد نفسه، حاكم سوريا الذي أحرق البلد من أجل البقاء، رافضا كل عروض التصالح التي لا تمنحه الحكم.
سقوط الموصل يؤذن بمرحلة ثالثة من تاريخ العراق الجديد، بعد سقوط صدام، وخروج الأميركيين. فإن بقيت المعارك في مناطقها الحالية، حينها ربما يولد حل سياسي يجمع بين الفرقاء المختلفين، وينهي التمرد. الاحتمال الثاني أن تتسع دائرة العنف نحو الشمال الكردي والوسط حيث معقل النظام، ويتسبب سقوط الموصل في حرب أهلية شاملة مرعبة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق على طريق سوريا العراق على طريق سوريا



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon