توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين

  مصر اليوم -

محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين

عبد الرحمن الراشد

آلاف المسيحيين العراقيين ارتحلوا من مدينتهم الموصل إلى المناطق السنية الكردية شمالا، بعد أن هددهم تنظيم داعش بالقتل والتدمير، إن لم يعتنقوا الإسلام أو يدفعوا الجزية. وشرع المتطرفون بتنفيذ تهديداتهم فحرقوا الكنيسة المطرانية في المدينة، ليبدأ فصل جديد من الكراهية والإرهاب!
وهنا تأتي مسألتان، دينية وسياسية، في فهم الوضع والتعاطي معه، ولا أقول معالجته، لأن الفاعلين جماعات فوضوية وإرهابية خارجة عن السلطة وتلاحق في أنحاء العالم. دينيا، نتوقع من كل المراجع والمؤسسات الدينية أن تستنكر وتدين وتواجه هذا الغلو المتزايد، الذي يهدد اليوم النسيج الاجتماعي، والتعايش الديني في المنطقة. فـ«داعش» ومثيلاتها، من التنظيمات المتطرفة السنية والشيعية، تهاجم أولا أتباع طوائفها، وذلك قبل أصحاب العقائد الأخرى، ثم الأديان الأخرى. وقد قامت «داعش» في العراق بهدم مقامات دينية للصوفية السنية، والأضرحة الشيعية، وكفرت وقتلت السنة الذين لا يبايعونها. وسبق لها في سوريا أن خطفت راهبات معلولا، ولم تطلق سراحهن إلا بفدية مالية كبيرة. وهي تعيث شرا بشكل أكبر في المناطق السنية التي تعتبرها أهدافها الرئيسة، من أجل إقامة سلطتها.
أما الشق السياسي في الأزمة، فيتمثل في اختراق وتوجيه هذه الجماعات المتطرفة، وتتكاثر البراهين على أنها تستخدم لخلط الأوراق. والعراق ليس إلا الجزء الثاني من الرواية، ومن المبكر الادعاء حول كيف وإلى أين تتمدد هذه الجماعات المشبوهة في العراق، نحو بغداد أم الأردن والسعودية. أما في سوريا، فإن تنظيم داعش، وكذلك جبهة النصرة، تشكل منذ عام ونصف من مجاميع هربت من سجون «القاعدة» في العراق وسوريا، وارتبطت بالجماعات المتطرفة التي كانت تدار من قبل النظام السوري إبان الاحتلال الأميركي للعراق، بعثية و«قاعدة».
ولا تهمنا قصة ولادة هذه الجماعات التي نجحت فقط في ضرب الثورة السورية، والآن تقوم بتخريب انتفاضة المحافظات الثلاث في العراق ضد ممارسات المالكي، فالأهم محاصرتها فكريا، ومحاربتها ميدانيا. ولا يعني ملاحقة «داعش» تغيير معادلة المواجهات، إن كان هذا هو سبب ظهورها، بتصحيح الوضع في العراق وهو مطلب شعبي كبير، وتغيير نظام الأسد في سوريا سار مسافة طويلة لا يمكن العودة بعدها. هنا، الفراغ والفوضى والحرب، وعدم وجود سلطة مركزية، كما هو الحال في سوريا، أو إضعافها في العراق، سيطيل عمر التنظيمات المتطرفة، ومعها جماعات ترتكب مجازر بحق المدنيين في العراق وسوريا مثل عصائب الحق وقوات بدر المماثلة لـ«داعش» على الضفة الشيعية.
إن استطاع العراقيون خلال الأيام المقبلة تشكيل حكومة جديدة مقبولة، وتسمية الرئاسات الثلاث، تمثل الحد الأدنى المأمول، فإننا نستطيع القول إن العراق، سيتعافى، وستتوحد القوى العراقية لمقاتلة المتطرفين. ويبقى المشكل السوري؛ حيث إن ترميم النظام أمر شبه مستحيل، وستمضي الحرب إلى نهايتها. والحرب، ككل الحروب، تفرز أقبح ما في البشر. ما يواجهه المسيحيون العرب، هو جزء مما يعصف بالمنطقة من فوضى عارمة لا تستهدفهم وحدهم، بل تهدد كل السكان والأديان والسلم الاجتماعي الذي استغرق زمنا طويلا لتحقيقه بين مكونات العالم العربي المتشكلة من عشرات الأديان والمذاهب والطوائف والأعراق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon