توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مواجهة الروس متأخرة وصعبة

  مصر اليوم -

مواجهة الروس متأخرة وصعبة

عبد الرحمن الراشد

تزدحم الصحافة الأميركية بالآراء التي تخطّئ الإدارة الحالية في تعاملها مع الأزمة السورية منذ بداياتها، ومعظمها يقول إن الغياب الأميركي هو ما جلب «داعش»، وحزب الله، والإيرانيين، والروس.

دينس روس، الذي سبق أن كان من بين كبار موظفي الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض، في مقال له في «الواشنطن بوست»، فسر بواعث الرئيس الأميركي حول سوريا بقوله: «منذ البداية غلب على الرئيس هاجس عدم التورط في حرب أخرى في منطقة الشرق الأوسط».

وكره الحروب والخوف منها أيضًا كان نفس الباعث عند دول الخليج، لكنها عقب اندلاع ثورات العالم العربي، وجدت أن عدم التدخل يوسع دائرة الخطر عليها، ويزيد من سرعة هبوب رياح الفوضى في المنطقة. والفوضى تعني انتشار الإرهاب، وتتسبب في ارتفاع موجات هجرة اللاجئين.

ويرى روس أنه بالإمكان الاستفادة من قواعد اللعبة، وذلك بالاستعانة بالسعوديين والقطريين والأتراك لبناء منطقة محمية للاجئين على الحدود السورية التركية. فيها يتولى الأوروبيون حراسة المنطقة جوًا، والأتراك يحرسونها أرضا، والخليجيون يمولونها. السؤال: أليس مثل هذا الطرح صار متأخرا؟ وثانيًا صار الشك كبيرًا في الإدارة، وثالثًا، ما هي الخطوة التالية بعد أن يهرب خمسة ملايين لاجئ سوري إلى المنطقة المحمية؟
بدت سياسة إدارة أوباما واضحة منذ أن أصرت على الخروج من العراق، وابتعدت عن التدخل في أزمتي سوريا وليبيا، إنها لا تريد التورط في المنطقة. نظريًا كانت سياسة مريحة بالابتعاد ثم ثبت أنها خيار مكلف لدولة عظمى ذات مصالح كبرى في العالم.

فالحرب تكبر، وتكاد تخرج عن السيطرة، وأصبحت مصدر خطر على كل المنطقة والعالم.

من كان يتخيل قبل أربع سنوات أن نرى أحدث الطائرات الحربية الروسية «SU34» والمقاتلات الأميركية «F16» تتنافس في سماء سوريا في مشهد مقلق لم ير العالم له مثيلاً منذ نهاية الحرب الباردة؟

ولو جاز لنا أن نعود إلى الوراء ونسأل، ما الذي كان يمكن فعله ويجنبنا المخاطر الحالية؟ في رأيي أن أسوأ الخيارات حينها، في عام 2011 و2012، كان أهون مما نراه اليوم، أي التدخل في سوريا قبل وصول الإيرانيين وحزب الله والآن الروس. فالذي شجعهم على دخول سوريا والعراق عسكريًا اكتشافهم أن واشنطن لا تنوي أبدًا لا القتال ولا دعم المعارضة، بل تبنت سياسة منع تزويد كل المتحاربين بالسلاح والذي لم يطبق أبدًا على نظام الأسد الذي استخدم كل شيء من البراميل المتفجرة إلى السلاح الكيماوي!

لم يكن مطلوبًا من واشنطن التدخل العسكري مباشرة، كان يكفيها رعاية مشروع الدول الحليفة، مثل السعودية وتركيا، بدعم حل عسكري سياسي من خلال المعارضة المعتدلة يؤدي إلى تغيير جزئي في دمشق. وكانت هذه الدول مستعدة لتمويله، عندما كان سعر البترول فوق المائة دولار للبرميل. أما اليوم فسوريا أصبحت أكبر ملعب في العالم للقوى والميليشيات، وصارت الدول الحليفة بلا موارد مالية إضافية بسبب هبوط أسعار النفط، وفقدت ثقتها في الولايات المتحدة بسبب مهادنتها إيران مقابل الاتفاق النووي.

وإيران، من ناحية أخرى، استثمرت منذ البداية نفور الرئيس أوباما من الحروب لصالح سياستها العدوانية. توغلت في سوريا عسكريًا وأطبقت على الحكم في العراق. وعلقت أمام الأميركيين عصا طويلة في نهايتها جزرة البرنامج النووي، ويبدو أن هذا زاد البيت الأبيض في تحاشي المواجهة في العراق وسوريا، وترك الساحة للمتصارعين، وتفرغ للتفاوض حول المصالحة.

بالنسبة لدول المنطقة الأخرى، فإن «سياسة عدم التدخل» هي سياسة بذاتها، ولها تبعات قد تكون خطيرة، حيث تشجعت إيران على التدخل العسكري بشكل أكبر وأعمق وأبعد الذي اضطر الدول الصديقة لواشنطن أن تواجه لوحدها التدخل الإيراني في البحرين وسوريا واليمن لحفظ أمنها وتوازن المنطقة، وهكذا اتسعت رقعة النزاع والآن دخل الروس الساحة عسكريًا.

هل لو تدخلت واشنطن آنذاك كان يمكن تجنب الدماء والفوضى والمواجهة الدولية؟

لا أدري، لكن الفرصة في الماضي كانت جيدة للسيطرة على الأحداث في سوريا، عندما كانت المعارضة في معظمها وطنية سورية وغير دينية، ولم تبدأ إيران إرسال وكلائها من الميليشيات المستأجرة إلى هناك.

ويمكن أن نقول الشيء نفسه عن اليمن، ربما لو لم تتدخل السعودية في اليمن لصارت المواجهة الإيرانية السعودية حتمية وعلى نطاق واسع.
في هذه اللحظة، ومن أجل مواجهة الروس والإيرانيين في العراق وسوريا، لن تكفي منطقة حماية للاجئين إلا إذا كانت مقرونة بمشروع عسكري. حتى تضطر واشنطن الغزاة من إيرانيين وروس إلى دفع ثمن غال، وتجبرهم على التراجع ستحتاج لتشكيل جبهة ما، من قوى متعددة. المشكلة أن هذا «الثمن» سيكون غاليًا، أولاً على واشنطن وحلفائها.

في السابق كان حلفاء واشنطن مستعدين للمشاركة في حروبها، كما دعموها في أفغانستان، وأسهموا في جزء من معاركها في العراق، ولاحقوا «القاعدة» معها، وساندوها في محاصرة إيران اقتصاديًا وماليًا. أما اليوم فإن أصعب مهمة ستواجه البيت الأبيض ليست إقناع روسيا بالخروج من سوريا بل إقناع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط بالدخول معها في أي مشروع. لقد صارت الثقة مكسورة بين الطرفين، وسيحتاج ترميمها جهدًا كبيرًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواجهة الروس متأخرة وصعبة مواجهة الروس متأخرة وصعبة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon