توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من شب الفوضى في البصرة؟

  مصر اليوم -

من شب الفوضى في البصرة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

أولاً نتساءل من هو المستفيد من تخريب الأمن في البصرة؟

رداً على دعاوى الإيرانيين فإنه ليس لدول الخليج، بما فيها السعودية، مصلحة. عدا أنها محافظة مجاورة حدودياً، وأمنها من أمن الخليج مباشرة، أيضاً محافظة البصرة منطقة نفطية وفي حال عطلت الفوضى إنتاجها سترتفع الأسعار وهو ضد سياسة هذه الدول التي تسعى لتثبيت السعر. وكذلك الأميركيون متضررون في حال تسببت الفوضى في رفع أسعار النفط، لأن اقتصادهم سيدفع الثمن. المشتبه به الوحيد هو الحكومة الإيرانية، فهي تعلن صراحة بأنها تريد للأسعار أن تصعد بشكل قياسي، وأن تعم الفوضى أسواق النفط العالمية. إيران ترى في ارتفاع الأسعار سلاحاً للضغط فيضطر الغرب للسماح لها بالتصدير، والتفاوض معها وفق شروطها. أيضاً، في الشهر الماضي كانت الشركات البترولية العراقية الرسمية قد وقعت عقداً كبيراً مع شركة شيفرون الأميركية لتطوير حقول النفط في المحافظة مما أغضب طهران.

ولولا أن الجميع منشغل بإدلب، ومعركتها الكبيرة في سوريا، وإلا لاحتلت البصرة اهتمام العالم. 12 من أهالي المدينة قتلوا لأنهم احتجوا على أوضاع المياه، الشح والتلوث. واحتجاجات أهاليها في حد ذاتها انفجار طبيعي، لأنهم منذ سنوات يشتكون من الفوضى وانتشار الميليشيات والعنف والبطالة والآن المياه التي لم تعد تصلح حتى للحيوانات لأنها مالحة، وفوق هذا معظم الصيف عاشه الناس في حرّ رهيب نتيجة انقطاعات الكهرباء. وجاءت نتيجته الاحتجاجات الأخيرة، والتي عوملت بشكل شرس وسيئ، لتنقلب ضد الميليشيات العراقية المحسوبة على إيران، حيث حرق الأهالي مقاراً للأحزاب السياسية، واستهدفوا قنصلية إيران، التي تمثل للناس رمز كل شر في محافظتهم. فهم يعتقدون أن أزمة المياه نتيجة عملية سحب المياه المشتركة من الأهوار وعلى الحدود حتى صار شحيحاً وماؤها لا يصلح للاستخدام الآدمي. أما لماذا القنصلية الإيرانية، فلأن التواجد الإيراني الرسمي في البصرة منتشر بوضوح أكثر من بقية المناطق في العراق.

الماء المالح والملوث فجر مشاعر الناس المعروفة سلفاً ضد الأحزاب الدينية السياسية العراقية، وضد إيران. وليس جديداً أن تظهر مشاعر العداء نحو هذين القطبين وتحديداً في البصرة. فهي المدينة الثانية الأهم في العراق، وهي التي حملت هذه الأحزاب على أكتافها للحكم، وهي أكثر من وعد ومنى بمستقبل أفضل، لكن منذ خروج الأميركيين ووضع البصرة يسوء. فالماء قشة جبل من الشكاوى، إضافة إلى أن البصراويين في ضيق من ميليشيات إيران التي حولت المدينة إلى مزرعة لمصالحهم وحكموها بالحديد والنار. ولا ننسى أن البصرة، تنتهي فيها سهول الرافدين، كانت إلى فترة قريبة مصدر «الرز والدخن والحنطة» لكل المنطقة، والآن لا تستطيع أن تشرب من مياهها نتيجة التحويلات المائية.

والمياه، مثل بقية الخدمات السيئة، مشكلة في عموم العراق، لا البصرة وحدها، لكن لأن هذه المحافظة هي محفظة الحكومة المالية وميناؤها الوحيد، فقد أخافت الفوضى الحكومة التي تخشى أن تصبح مثل منطقة الهلال النفطي الليبية، التي جلبت الفوضى والحرب إلى كل ليبيا، وتقلق دول الجوار، وتحديداً الكويت والسعودية المحاذيتين.

وبعيداً عن التلاوم ورمي التهم فإن الحكومة العراقية، ونظام الحكم السياسي في بغداد، مطالب بأن يتحرك في محافظة البصرة ككل لتصبح خالية من الميليشيات والسلاح والتدخلات الإيرانية. ونعرف أن إيران ستقاوم محاولة إخراجها من البصرة، ومع هذه الفوضى والاحتجاجات فإن السلطات مضطرة لإنهاء الوضع القديم وتحويل المدينة والمحافظة إلى مركز يمد بغداد بالاستقرار وليس النفط وحده.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من شب الفوضى في البصرة من شب الفوضى في البصرة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon