توقيت القاهرة المحلي 20:56:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من شب الفوضى في البصرة؟

  مصر اليوم -

من شب الفوضى في البصرة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

أولاً نتساءل من هو المستفيد من تخريب الأمن في البصرة؟

رداً على دعاوى الإيرانيين فإنه ليس لدول الخليج، بما فيها السعودية، مصلحة. عدا أنها محافظة مجاورة حدودياً، وأمنها من أمن الخليج مباشرة، أيضاً محافظة البصرة منطقة نفطية وفي حال عطلت الفوضى إنتاجها سترتفع الأسعار وهو ضد سياسة هذه الدول التي تسعى لتثبيت السعر. وكذلك الأميركيون متضررون في حال تسببت الفوضى في رفع أسعار النفط، لأن اقتصادهم سيدفع الثمن. المشتبه به الوحيد هو الحكومة الإيرانية، فهي تعلن صراحة بأنها تريد للأسعار أن تصعد بشكل قياسي، وأن تعم الفوضى أسواق النفط العالمية. إيران ترى في ارتفاع الأسعار سلاحاً للضغط فيضطر الغرب للسماح لها بالتصدير، والتفاوض معها وفق شروطها. أيضاً، في الشهر الماضي كانت الشركات البترولية العراقية الرسمية قد وقعت عقداً كبيراً مع شركة شيفرون الأميركية لتطوير حقول النفط في المحافظة مما أغضب طهران.

ولولا أن الجميع منشغل بإدلب، ومعركتها الكبيرة في سوريا، وإلا لاحتلت البصرة اهتمام العالم. 12 من أهالي المدينة قتلوا لأنهم احتجوا على أوضاع المياه، الشح والتلوث. واحتجاجات أهاليها في حد ذاتها انفجار طبيعي، لأنهم منذ سنوات يشتكون من الفوضى وانتشار الميليشيات والعنف والبطالة والآن المياه التي لم تعد تصلح حتى للحيوانات لأنها مالحة، وفوق هذا معظم الصيف عاشه الناس في حرّ رهيب نتيجة انقطاعات الكهرباء. وجاءت نتيجته الاحتجاجات الأخيرة، والتي عوملت بشكل شرس وسيئ، لتنقلب ضد الميليشيات العراقية المحسوبة على إيران، حيث حرق الأهالي مقاراً للأحزاب السياسية، واستهدفوا قنصلية إيران، التي تمثل للناس رمز كل شر في محافظتهم. فهم يعتقدون أن أزمة المياه نتيجة عملية سحب المياه المشتركة من الأهوار وعلى الحدود حتى صار شحيحاً وماؤها لا يصلح للاستخدام الآدمي. أما لماذا القنصلية الإيرانية، فلأن التواجد الإيراني الرسمي في البصرة منتشر بوضوح أكثر من بقية المناطق في العراق.

الماء المالح والملوث فجر مشاعر الناس المعروفة سلفاً ضد الأحزاب الدينية السياسية العراقية، وضد إيران. وليس جديداً أن تظهر مشاعر العداء نحو هذين القطبين وتحديداً في البصرة. فهي المدينة الثانية الأهم في العراق، وهي التي حملت هذه الأحزاب على أكتافها للحكم، وهي أكثر من وعد ومنى بمستقبل أفضل، لكن منذ خروج الأميركيين ووضع البصرة يسوء. فالماء قشة جبل من الشكاوى، إضافة إلى أن البصراويين في ضيق من ميليشيات إيران التي حولت المدينة إلى مزرعة لمصالحهم وحكموها بالحديد والنار. ولا ننسى أن البصرة، تنتهي فيها سهول الرافدين، كانت إلى فترة قريبة مصدر «الرز والدخن والحنطة» لكل المنطقة، والآن لا تستطيع أن تشرب من مياهها نتيجة التحويلات المائية.

والمياه، مثل بقية الخدمات السيئة، مشكلة في عموم العراق، لا البصرة وحدها، لكن لأن هذه المحافظة هي محفظة الحكومة المالية وميناؤها الوحيد، فقد أخافت الفوضى الحكومة التي تخشى أن تصبح مثل منطقة الهلال النفطي الليبية، التي جلبت الفوضى والحرب إلى كل ليبيا، وتقلق دول الجوار، وتحديداً الكويت والسعودية المحاذيتين.

وبعيداً عن التلاوم ورمي التهم فإن الحكومة العراقية، ونظام الحكم السياسي في بغداد، مطالب بأن يتحرك في محافظة البصرة ككل لتصبح خالية من الميليشيات والسلاح والتدخلات الإيرانية. ونعرف أن إيران ستقاوم محاولة إخراجها من البصرة، ومع هذه الفوضى والاحتجاجات فإن السلطات مضطرة لإنهاء الوضع القديم وتحويل المدينة والمحافظة إلى مركز يمد بغداد بالاستقرار وليس النفط وحده.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من شب الفوضى في البصرة من شب الفوضى في البصرة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تؤكد هشام نزيه موسيقار عبقري ويستحق التكريم

GMT 09:07 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يعتدي على فتاة بالضرب بسبب صفّ السيارات في تكساس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon