توقيت القاهرة المحلي 19:07:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفيل الأميركي والثعلب الإسرائيلي

  مصر اليوم -

الفيل الأميركي والثعلب الإسرائيلي

بقلم - عبد الرحمن الراشد

استطراداً لمقال الأمس، لم يفلحِ الغزلُ الأميركي والهدايا الكثيرة مع عبدِ الناصر حيث قرَّر الانحياز للسوفيات. لهذا عندما هاجمت إسرائيل سيناءَ، واحتلّتها ثانية في حرب 1967 لم تعترضْ واشنطن هذه المرة. إسرائيل دمَّرت بشكلٍ صاعق قدراتِ حليفي موسكو الأهم في المنطقة، مصر وسوريا. أثبتت تل أبيب أنَّها كلبُ أميركا الشرس، الذي نجحَ في تقزيم الدولِ الحليفة للسوفيات والمدّ الشيوعي في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، وملأَ وجهَ المنطقة بالدمامل من حكوماتٍ أو جماعاتٍ مسلحة يسارية في اليمن الجنوبي وسوريا والعراق والسودان والصومال، ومصرَ طبعاً.

اتخذت أميركا إسرائيلَ قلعتَها وكلبَها. لهذا عندمَا وصلَ الساداتُ للحكم وجرَّب الحرب، اختار أخيراً التعاملَ مع واشنطن، معترفاً أن لا أملَ من حليفه السوفياتي، ومعلناً أنَّ 99 في المائة من أوراق الحل بيدِ واشنطن، التي قامت بالفعل بترتيبِ عودةِ سيناء لمصرَ والقناة، وفوقها مليار ونصف مليار دولار مساعداتٍ سنوية، لضمانِ ألَّا تعاود إسرائيلُ اعتداءَها على الجارة الكبرى.

وعندمَا بنى صدام مفاعلَه النوويَّ (تموز) ورفضَ نداءات واشنطن بالتخلّي عن المشروع أوعزت لإسرائيل التي قامت بتدميره.

ماذا عن إيران، الخصمِ الصعب؟ هناك تنسيقٌ مع واشنطن، ومصلحةٌ مشتركة جعلت إسرائيلَ في مواجهة إيران ولا تزال في حالة اشتباك معها منذ عام 1982 أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة.

وبطبيعة الحال، يجب الإقرار بأنَّ وجودَ إسرائيلَ واحتلالاتها تسبَّبا في الفوضى الإقليمية والتغول الإيراني، إنَّما هذه إفرازات متوقعة نتيجة وجود محاور متصادمة نشطة إقليمياً ودولياً. والذي يحول دون وقوع حربٍ كبرى مع إيران هي توازنات دولية وقواعد اشتباك متعارف عليها. فإسرائيلُ لن تتجرَّأَ على شنّ حربٍ على إيران، إلَّا برغبة أميركية، الأمر المستبعد حالياً، لنقل مثل حالةِ الكوريتين الجنوبية والشمالية. إيران لن تُقدمَ على شنّ حرب مباشرة على إسرائيل، ولن تسمحَ لوكلائِها بذلك إلَّا في نطاقٍ محدود، وما فعلته «حماس» في السابع من أكتوبر كانَ حالةً استثنائية، وليس معروفاً إن كانَ متعمداً أم أنَّ الهجومَ خرج عن السيطرة. وكذلك الهجمة اليتيمة التي شنَّتها إيران مباشرةً في 13 أبريل (نيسان) الماضي بعد استهداف قنصليتها في سوريا وقتل إسرائيل لقيادات إيرانية، وكانت مبررة. البلدان في حالةِ حربِ استنزاف لعقود، وكلاهما قادرٌ على تحمّل الخسائر.

لعبت إسرائيلُ، ولا تزال تلعبُ دورَ العسكري للولايات المتحدة لأكثرَ من 70 عاماً، ولا يمكنُنا اختزال طبيعة العلاقة بين البلدين بتصوير الأميركي فيلاً ساذجاً والإسرائيليين ثعالبَ ماكرة. ففي هذا تبسيطٌ لطبيعة العلاقة التي أثبتت مع الوقت عمقَها. وهذا لا ينفي أنَّ السياسات الإسرائيليةَ أحياناً تُلحق أضراراً بالمصالح الأميركية وتتناقض معها. حتى مع الحبّ الأميركي الطويل لها، تخشى إسرائيلُ من أن تبيعَها الولاياتُ المتحدة في ليلة مظلمة. وما فعله الرئيس الأميركي الأسبق أوباما عندما فاوضَ ووقَّع اتفاقَه الشامل في عام 2015 مع إيران، عدّته إسرائيلُ خيانةً، وعملت على تخريب الاتفاق ونجحت. إسرائيلُ تتوسَّد ترسانةً من الأسلحة المتقدمة، وما يكفي من الرؤوس النوويةِ كضمانةٍ ولإخافة من يهدّدُها لو تخلَّت عنها الولايات المتحدة. وهناك العديد من الشواهد على أنَّ علاقة الحليفين ليست دائمة سعيدة. فالولايات المتحدة أرغمت إسرائيلَ على وقف تصدير أسلحتِها المتقدمة للصين، خشيةَ تسريبِ التقنية الحديثة ممَّا أغضبَ الإسرائيليين، الذين يعدّون الصينَ سوقاً مهمة، ولهم حضورٌ كبير، فعلاوة على سفارتهم في بكين، هناك 4 قنصليات إسرائيلية في أنحاء الصين! والصينيون تهمُّهم العلاقةُ مع إسرائيل حيث استثمروا في العقد الماضي فيها أكثرَ ممَّا أنفقوه في أي دولة عربية. وسبق لواشنطن أن عاقبت شركاتٍ وأفراداً محسوبين على إسرائيل، مثل جوناثان بولارد، الذي أودعَ السجنَ 30 عاماً بتهمة التجسس للدولة اليهودية، ورفض كل الرؤساء الأميركيين استجداءاتِ إسرائيلَ منحَه العفو، وبعد أن أكملَ محكوميته استقبله نتنياهو شخصياً على أرض المطار. للحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفيل الأميركي والثعلب الإسرائيلي الفيل الأميركي والثعلب الإسرائيلي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:28 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله
  مصر اليوم - قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 19:42 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

قلق في "أرامكو" بسبب هجمات الخليج وارتفاع سعر النفط

GMT 02:08 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مي عمر تكشف عن حقيقة علمها بمقلب "رامز في الشلال"

GMT 07:15 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

كشف غموض وفاة 22 عالمًا بعد فتح مقبرة توت عنخ آمون

GMT 10:06 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

رسالة حسن الرداد إلى محمد رمضان بعد أغنية "نمبر وان"

GMT 22:21 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

روبرتو فيرمينو يُجدد شكره لزميله "محمد صلاح"

GMT 06:52 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

"مشاهير حول العالم راحوا ضحية "الالتهاب الرئوي

GMT 11:08 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعرَّف على أنواع السيارات الأكثر مبيعًا في عام 2018

GMT 15:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

علامة "كايلي" و"كاندال" تطلق حقائب زهيدة الثمن

GMT 14:17 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أفكار إضاءة رائعة لحفلة زفافك الخارجية

GMT 10:13 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

اكتشفي طرق مختلفة لتحضير الفول
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon