توقيت القاهرة المحلي 03:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السفير الروسي والقرضاوي

  مصر اليوم -

السفير الروسي والقرضاوي

بقلم : عبد الرحمن الراشد

في حديثه عن ذكرياته الدبلوماسية، عرّج السفير الروسي السابق لدى قطر، فلاديمير تيتورينكو، على تجربته في قطر، وروى حواراً مثيراً جرى بينه وبين زعيم «الإخوان» يوسف القرضاوي.

يروي السفير في أحد برامج قناة «روسيا اليوم»: «قال لي القرضاوي: (على روسيا أن تقبل بحقيقة أن الأنظمة الدموية، والفاسدة، في البلدان العربية يجب أن تزول، وأن الشعوب سئِمَت من حكوماتها القديمة، ويجب أن تحل محلها قوة المجتمع. وعندما تتخلص هذه البلدان من حكامها المنتهين، فستتمكن من بناء مجتمعات مزدهرة مبنية على تقاليدنا الأصيلة). عندها سألته: (أرجو المعذرة، أنت تردد باستمرار كلمة الديمقراطية؛ فهل تعتقد أن النظام في البلد الذي تعيش فيه ديمقراطي؟ أقصد قطر، والبلدان المجاورة الأخرى التي لا توجد فيها أحزاب سياسية، ولا برلمان، بل أنظمة ملكية مطلقة، فهل هذا ديمقراطي؟) فأجاب: (لا، ولكن دورها سيأتي أيضاً)».

ويستطرد السفير في حديثه، في برنامج «رحلة في الذاكرة»: «أعدت سؤالي: (هل تقصد أنه من الضروري الإطاحة بحكام قطر وأمرائها أيضاً؟)، فأجاب: (على الأمراء في البداية أن يقوموا بدورهم، والشعب فيما بعد سيطيح بهم)».

ويعتقد السفير أن للقرضاوي نفوذاً في قطر، حيث كان يتصل مثلاً بالديوان الأميري... لتعرض المحطة المزيد من اللقطات الفظيعة، قالها أمامي... قال: (اعرضوا المزيد من اللقطات التي فيها كثير من الدماء وقتل الأطفال أكثر ما يمكن)».

ويعلق المذيع: «حقاً...؟! إنه أمر مريع!».

فيرد السفير: «بالفعل، أبلغت موسكو بذلك، وكتبتُ لهم انطباعي بأن القرضاوي يعطي تعليمات إلى قيادة قطر حول كيفية التصرف دعائياً، ويطلب أن يظهروا مذابح الأطفال والنساء على محطات التلفزيون». رواية السفير تيتورينكو، وانطباعاته لا تدهشنا، ولا تضيف جديداً، لكنها شهادة من دبلوماسي تقاعَد ليس طرفاً في الخلاف، بل العكس؛ روسيا على وفاق مع بعض حلفائهم، مثل إيران و«حزب الله».

والذي يسمع ما تحدث به القرضاوي، وشهد به السفير الروسي، وهو ما يقوله في العلن آخرون من أتباع القرضاوي، قد يجد فيه شهادة لـ«الإخوان»، وليس شهادة عليهم. وهي أن رؤيتهم، ومنهجهم لنظام الحكم حداثي يؤمِن بنظام المشاركة السياسية من خلال الديمقراطية.

ولا يتسع المجال هنا لنقاش ذلك، سوى بأن أوضح أن العبارات والخطب السياسية للجماعات الإسلامية، خصوصاً «الإخوان»، تتميز بمفردات سياسية متطورة، لكنها في الحقيقة مضلِّلة لا تعكس منهجهم الثيولوجي الديني الإقصائي.

خلال «الربيع العربي» في عام 2011، حاولوا القبض على تلك اللحظة التاريخية، فتخلوا عن الحديث عن المشروع الديني السياسي «الإسلام هو الحل»، وتماهوا مع الوضع الجديد، وركزوا في خطابهم على ثلاث كلمات: «حرية... وحقوق... وانتخابات»، لينسجم مع انتخابات مصر وتونس.

إنما الحقيقة ناقصة؛ الديمقراطية مصطلح نسخته الجماعة وربطته بمفاهيم دينية قاسية فاشية تضمن الحكم لجماعة بعينها من حيث الترشح والحكم إلى الأبد، تماماً كما هو حال ديمقراطية إيران الخمينية التي تتغنى بالانتخابات الفارغة حتى هذا اليوم، وقد أعدمت عشرات الآلاف من شركائها في الثورة المنتمين لتجمعات قومية ويسارية.

كما أن حديث القرضاوي، وفق رواية السفير، عن قطر وبقية ممالك الخليج ليس غريباً، أيضاً؛ فالجماعة الدينية استخدمت الشاه في فترة عصيبة من حكمه، و«الإخوان المسلمون» ركبوا حصان الديمقراطية في غزة، ولم ينزلوا عن الحكم إلى اليوم، وحوَّلوا القطاع إلى حامية إيرانية، وهو ما فعله «الإخوان» عندما مُنِحوا الفرصة في السودان؛ استولوا على الحكم وأسقطوا حكومة الصادق المهدي المنتخبة.

لهذا لن توهمنا الجماعات الفكرية المتطرفة بأنها حقاً تريد التغيير الشعبي، وتريد المشاركة السياسية، وتؤمن بالحقوق والانتخابات، لأنها ليست كذلك. الشيوعيون، أيضاً، كانوا يستخدمون الخطاب نفسه.

لكن لا أرى ما يراه السفير السابق من أن القرضاوي يدير قطر... الأرجح له دالّة في البلاط مستغلاً تقريب «الإخوان» وبعض القوميين العرب. ونحن مثل السفير لا نفهم كيف لساسة قطر أن يغفلوا عمن يتآمر عليهم، فهي مسألة لا يوجد لها تفسير علمي، ولا منطق تاريخي.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية  
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السفير الروسي والقرضاوي السفير الروسي والقرضاوي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon