توقيت القاهرة المحلي 12:17:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحكم اليمني الجديد

  مصر اليوم -

الحكم اليمني الجديد

بقلم - عبد الرحمن الراشد

كان يفترض لرئاسة هادي أن تكون انتقالية لمدة عام ونصف العام، ودامت عشر سنين، نتيجة استيلاء الحوثي على السلطة. وخلال مؤتمر الرياض للحوار اليمني، أعلن الرئيس عبد ربه منصور هادي، فجر أمس، عن مجلس رئاسي برئيس جديد.

الخطوة تطور مهم؛ أولاً، لأنها ليست شكلية، ولا واحدة من مخرجات الحوار الكلامية، فالرئيس سلّم، عملياً، كل صلاحياته، وصار الحكم يضم معظم الفرقاء اليمنيين. ولعلها روح التطورات الأخيرة، المعارك التي تشارك فيها مقاتلون من أطراف يمنية مختلفة، وحققوا انتصارات فاجأت الحوثي الذي ظن أنه على وشك تسديد الضربة القاضية والاستيلاء على المناطق الحيوية. والتغيير أيضاً، يعكس التأقلم مع الأوضاع داخل المعسكر.
صحيح أن اليمن لا يزال تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية منذ عام 2015، إنما لنا أن نقول أيضاً، اليمنيون، رغم كل شيء، مستمرون في رفضها ورفع السلاح عليها. وإذا كانت الحكومة الشرعية منقوصة القدرات على أرضها، وبعيدة، علينا ألا ننسى أن جماعة الحوثي، رغم العنف والتنكيل اللذين تمارسهما ضد السكان، عاجزة عن خلق دولة يمنية. فهي قوة بلا شرعية، وأرض محاصرة براً وبحراً وجواً. لا تزال تطلب إذن الأمم المتحدة على كل سفينة وطائرة.
وبالتأكيد، غاية اليمنيين ليست فقط الحؤول دون قيام «الدولة اليمنية الحوثية»، بل التخلص من الوكيل الإيراني، واستعادة الدولة.
 

السنون السبع الدامية تعلمنا أنه لن يحرر اليمن سوى اليمنيين، وهم مجتمعون، قادرون على هزيمة الميليشيا المسنودة من إيران. وتعالج الخطوة الجديدة جروح اليمنيين في المعارضة، وتحقق التوافق الضروري. مجلس الحكم الرئاسي المشكّل من ثمانية، ومستشاريهم الخمسين، يعكس الطيف اليمني الذي كان دائماً موجوداً وليس ممثلاً.
هذا التوافق بين اليمنيين في الرياض، والتنازلات الكبيرة من الرئيس هادي، يعطيان رسالة واضحة في وجه المتغيرات الإقليمية، حتى لو تم الاتفاق الإيراني مع الغرب، بأن اليمن لن يكون إلا لكل اليمنيين وليس للفريق الإيراني. وقد شهد وشارك في هذا المؤتمر الواسع، وتمت هندسته بشكل يدعو للإعجاب، مبعوثون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من القوى المعنية. ومن المهم التذكير بأنه عُقد بعد رحلة طويلة العام الماضي سعياً لحل سلمي. فقد عُرض على الحوثيين فرصة هدنة طويلة ورفضوها، ووجهت لهم دعوة للمشاركة في المفاوضات في السعودية ورفضوها، وطرحت الرياض مشروع حل سلمي يعترف بالحوثي ودوره كمكون يمني يشارك في الحكم ورفضوا مطالبين بكل الحكم، واقتُرح عليهم مرة أخرى رفع الحظر عن المطارات والموانئ مقابل خطوات سلمية مماثلة، وردوا عليها بالصواريخ. وحتى في هذا المؤتمر أُرسلت لهم دعوة ورفضوها. المحاولات السلمية برهنت للعالم أن الحرب لم تكن رغبة الشرعية اليمنية والتحالف، إلا لأن الوكيل الإيراني يرفض الخيارات الأخرى.
أما على جبهة الحرب، فإن سيل الدرونز والصواريخ الباليستية الإيرانية العابرة للحدود، ومعارك مأرب وتعز، وتهديد الملاحة الدولية واحتجاز رهائن غربيين... فشل كله في فرض تنازلات على اليمنيين والسعوديين والتحالف. لم يستسلم ولم ييأس اليمنيون، ولم يرفع أي فريق منهم الراية البيضاء أو يعلن الانسحاب. ولم يتخلَّ التحالف عنهم بقيادة السعودية، رغم الضغوط الغربية والتهديدات الإيرانية وعرقلة المدد العسكري.
نعم، الحوثي لا يزال في صنعاء منذ سبع سنوات، لكنه معزول عن العالم. اليوم، يراقب عن بُعد ممثلي الأغلبية الساحقة من الشعب اليمني، موحدين ومتفقين، وهو عاجز عن وقف الحرب عليه، وعن فك الحصار عنه، وكذلك لا يستطيع التقدم سياسياً خطوة واحدة، لأن القرار ليس في يد زعيمه عبد الملك أو رفاقه، بل في طهران التي تعتبر اليمن ضمن مساوماتها الإقليمية.
التطور الذي وُلد في حوار الرياض بين اليمنيين ومخرجاته، والصياغة الجديدة لرئاسة اليمن الجماعية، تعني رفض المعارضة لـ«الواقع الحوثي»، واستكمال مهمة تحرير اليمن.
وتبقى حرب اليمن حالة محزنة ومؤلمة من إفرازات فوضى عام 2011 التي أدت إلى انهيارات وحروب في سوريا وليبيا واليمن، وجميعها لم تنتهِ بعد. والتوافقات اليمنية الواسعة الأخيرة تعطي أملاً جديداً في أن تؤدي إلى نتيجة تعيد السلام للبلاد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكم اليمني الجديد الحكم اليمني الجديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon