توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موقف فرنسي شجاع

  مصر اليوم -

موقف فرنسي شجاع

بقلم : عبد الرحمن الراشد

هناك مواجهة دبلوماسية قوية بين فرنسا من جانب، ونظام الأسد وإيران وروسيا من جانب آخر، ورغم التهديدات ضدها، فإن الحكومة الفرنسية تصر على موقفها المتكرر، والمتضامن مع الشعب السوري، بعد أن تخلى عنهم معظم القوى الدولية.

وقد استنكرها الروس قائلين، إنهم يعجبون لماذا تصر فرنسا على الوقوف ضد مشروعهم في سوريا، واصفين هجومهم، وحصارهم، وتشريدهم لملايين السوريين بأنها حرب على الإرهاب، وأن فرنسا لا تخالفهم فقط، بل تخالف التوجه الأوروبي بمواقفها.

ومشروع القرار الفرنسي، الذي دعا لوقف قصف حلب، وقصفه الروس بالفيتو، وتسبب في مواجهات كلامية بين سفراء القوى الأعضاء في مجلس الأمن الأسبوع الماضي، لم يكن العمل الوحيد الذي رعته الحكومة الفرنسية. فرنسا من الدول الراعية للثورة السورية منذ البداية، وبخاصة في دعم الجهود السياسية للائتلافوالمجالس المختلفة، وهي من أكثر الدول التي استهدفتها العمليات الإرهابية التي نفذتها تنظيمات مشبوهة مثل «داعش»، التي تدلل كل أفعالها على أنها تنفذ مشروًعا لصالح الأسد والإيرانيين، ويستهدف الدول التي وقفت ضد جرائم نظام دمشق وحلفائه. ورغم تكرار العمليات الإرهابية التي أدمت فرنسا، فإنها استمرت تقف ضد الحرب الوحشية التي تشن على الشعب السوري.

وَلم تعاِن فرنسا من إرهاب «داعش» وحده، بل واجهت أزمة داخلية لا تقل خطورة، وهي تنامي العنصرية ضد الأجانب وضد الفرنسيين من أصول إسلامية، التي تتغذى على جرائم التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالأزمة السورية، وبسبب طوفان المهاجرين الذي أغرق غرب أوروبا من سوريا وغيرها. وهذه المواقف السياسية، التي قد لا تحظى بشعبية وتستخدم لإضعاف الحكومة والحزب في الانتخابات التي بدأت مهرجاناتها.

على المستوى السياسي والدبلوماسي بشكل خاص، حكومة فرنسا تقود دعوة لمحاسبة الدول المتورطة في حصار وتدمير حلب وبقية المدن السورية، ومحاكمتها بجرائم حرب، وتفعيل المؤسسات الدولية ضدها. نحن أمام هذه المواقف المتعددة، والمستمرة لسنوات، لا يمكننا إلا أن نذكر بالتقدير ما يفعله الفرنسيون. وسياستهم العادلة والمنصفة في القضية السورية هي امتداد لمواقفهم ضد نظام الأسد في لبنان، عندما' ساندت فرنسا رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، وكان موقفها أساسًيا وفاعلاً بعد جريمة اغتياله من قبل نظام الأسد. وموقفها استمر أيًضا يواجه محاولات التغيير في لبنان، وقامت بدعم القوى الرافضة لهيمنة «حزب الله».

والرؤساء الفرنسيون عموًما استمروا على هذا النهج إلا في مرحلة قصيرة، خلال رئاسة ساركوزي الذي تولى مهمة تبييض صفحة الأسد، بالتعاون مع بعض القوى الإقليمية، وفشل في النهاية.

قد لا يجد البعض في المواقف الفرنسية القيمة الكافية لتغيير الأوضاع على الأرض، ففرنسا دولة كبرى لكنها ليست الولايات المتحدة ولا روسيا، القوتين العظميين، مع هذا تلعب دوًرا كبيًرا، وتقود قاطرة المواجهة، في وقت فضلت معظم الدول الأخرى تحاشي مواجهة «محور الشر».

وِفي ظل العربدة والاستهانة بالقيم والقوانين الدولية التي يمارسها حلفاء الأسد، فإنه ليس بالقليل أن تقف دول، مثل فرنسا، هذه المواقف المتكررة، والتي يمكن ونرجو أن توصلنا إلى مرحلة الحل السياسي المعقول.

فالحرب الإيرانية الروسية في سوريا فشلت حتى هذا اليوم في القضاء على انتفاضة الشعب السوري، وفشلت في تثبيت حكم الأسد حتى في نصف سوريا التي باتت تحت حكمه، ولن يجدوا في الأخير إلا بلًدا مثل فرنسا، لدعم حل سياسي يخرجهم من هذا المستنقع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موقف فرنسي شجاع موقف فرنسي شجاع



GMT 02:25 2024 السبت ,30 آذار/ مارس

واشنطن - تل أبيب... حدود الصدع ومآلاته

GMT 03:48 2024 الأحد ,10 آذار/ مارس

السودان ومجلس الأمن

GMT 17:56 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

متى يضطلع مجلس الأمن بمسؤولياته؟.

GMT 06:27 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

وبدأ تسييس قضية المناخ جدياً

GMT 06:48 2021 الخميس ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قمة العالم بين الأمس واليوم.. متفرقات من الذاكرة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon