توقيت القاهرة المحلي 16:28:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إشكالية المسلمين على جبهتين

  مصر اليوم -

إشكالية المسلمين على جبهتين

بقلم : عبد الرحمن الراشد

غلب استخدام مصطلح إسلام ومسلمين بما يرمز إلى الفئات المتطرفة، التي صارت بسبب جرائمها تمثل العنوان البارز للدين وأهله، وهذا الاختصار بطبيعة الحال ظلم الجميع دون تمييز. وعندما طرحت أمس مفهوم إسلامين اثنين؛ إسلام المعتدلين وإسلام المتطرفين، لم يكن الهدف منه فقط تصحيح المصطلح والصورة، ضد التمييز والتعميم الظالم؛ بل أيضاً حتى لا ننجر أنفسنا وراء الدعاية الصادرة عن الأنظمة والجماعات الشريرة وندافع عنها باسم الدفاع عن الإسلام والمسلمين، فإسلامهم المتطرف ليس إسلامنا.

المفاهيم الدينية المتشددة رافقت المواجهات السياسية، بين النظام الإيراني والغرب، ثم استنسختها ماكينة دعاية تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وغيرهما لاحقاً، تحرض على الرفض بدل التعايش، والاقتصاص التاريخي، واعتبار كل ما هو غربي أو حداثي اعتداءً على الماضي المقدس. عمّ التطهير الفكري كل مناحي الحياة الإيرانية، وانتقل إلى الدول الأخرى. وكما فعلت الثورة الثقافية الماوية في الصين، أسست الثورة الإسلامية الإيرانية مشروعاً ثقافياً، متطرفاً آيديولوجياً، تغلغل في المجتمعات الإسلامية، بما فيها الجاليات المسلمة في الغرب، وعليه تأسست حركات إسلامية تقلده أو تنافسه في التطرف.

وقام أتباع هذه الجماعات بعملية تطهير، رافعين سيف التكفير، وتخويف المسلمين المعتدلين، واعتبارهم أعداء للدين، وكذلك حاربوا الأنظمة التي تقف في وجه مشروعاتهم الفكرية والحركية. وقد عانت غالبية المسلمين من المتطرفين طويلاً، وبكل أسف لم تقم الحكومات بمحاربة التطرف إلا عندما وجدته يتحول إلى مشروع يهدد وجودها. اليوم في الإسلام، توجد مدارس فكرية متطرفة تدعو إلى القتال والصدام، ويوجد بين المسلمين مسلمون متطرفون خطرون على العالم، ومن ينكر هذه الحقائق إما أنه مكابر أو جاهل.

وعندما يقال في الغرب: «الإسلام المتطرف»، فإن المعني به نظام مثل الذي في طهران، وعندما يقال: «الإسلام الإرهابي» يقصد به تنظيمات مثل «داعش» و«حركة الشباب المسلم» في الصومال، وتنظيم «أنصار الشريعة» في ليبيا، وهي جميعها إرهابية، ولا يقصد به أن الإسلام بمجمله متطرف أو إرهابي. ومع صحة هذه المصطلحات في السياق الذي تحدثت عنه، فإننا نرفض استخدامها فقط خشية التشابه، وسهولة التعميم الذي يؤذي غالبية المسلمين التي لا علاقة لها بالتنظيمات ولا تعتنق الفكر التكفيري.

ويمكن أن نقول الشيء معكوساً، أي أنهم يجب ألا يعمموا ويظلموا كل المسلمين، ونحن أيضاً يفترض ألا ندافع عن كل أفكار الذين يستخدمون الإسلام لأغراض سياسية ضد الغير.
لن ندافع عن إسلام الولي الفقيه في إيران، ولا إسلام أبو بكر البغدادي في الرقة في سوريا، هؤلاء يفتعلون قضايا، مثل الرسوم الكاريكاتيرية في الدنمارك أو المجلة الساخرة في فرنسا، يريدون تجييش المسلمين لأغراضهم. فالعالم يتسع للمؤمنين وغير المؤمنين وأتباع الديانات الأخرى.

والمسلمون هم أكثر حاجة إلى الإيمان بالتعايش مع الأديان الأخرى وأتباعها؛ لأن عددهم كبير، مليار ونصف المليار منتشرون في أنحاء الدنيا، ويتقاسمون العيش مع أتباع الديانات الأخرى، من الصين البوذية إلى البرازيل الكاثوليكية. والسبب الآخر، أنهم المعذبون في الأرض بسبب الحروب والمجاعات ويشكلون معظم اللاجئين في العالم الذين في حاجة إلى الإيواء والدعم الخيري والإنساني.

وهذا يقودني إلى النقطة الأخيرة، وهي الأهم؛ لا يكفي أن نعرف أننا نعاني من هذه الإشكالات الفكرية والتنظيمية الخطيرة، ونرفضها كموقف عام، بل يفترض أن يكون التعايش ثقافة ومنهجاً يدرس في كل المراحل التعليمية. لو أن الحكومات جعلته ضمن تعليمها لما وجد المتطرفون مكاناً لهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشكالية المسلمين على جبهتين إشكالية المسلمين على جبهتين



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon