توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تركيا ومخاطر الحسم السوري

  مصر اليوم -

تركيا ومخاطر الحسم السوري

بقلم : عبد الرحمن الراشد

من المفهوم أن يلح الأتراك على الأميركيين يطالبونهم بوقف تسليح التنظيمات الكردية في سوريا، تحديدا حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، لأنهم يعتبرونها تمثل خطًرا على استقرار ووحدة تركيا نفسها.

فقد اختارهم التحالف الغربي وكيله داخل سوريا لمحاربة تنظيم داعش. الأتراك، عندما أدركوا اللعبة الكردية السورية، بادروا إلى شن معاركهم ضد «داعش» في عملية «درع «إحداثيات تركية» وراء ضربات روسية قتلت جنو ًدا أتراكا بالخطأ الأتراك، عندما أدركوا اللعبة الكردية السورية، بادروا إلى شن معاركهم ضد «داعش» في عملية «درع الفرات»، وكذلك «جبهة النصرة»، لاحًقا، إلا أن هذا لم يوقف الاعتماد الأميركي على الكرد وتسليحهم. وعزز موقف الأكراد السوريين أن تلك الخطوة كانت مقبولة من الروس، الذين لا َيَر ْون في الحزب الكردي خصًما للنظام السوري. كما أن روسيا وإيران سبقتا الأميركيين بتمكين الأكراد من التمدد فيما وراء مناطقهم على الحدود السورية التركية بحجة تطهيرها من الإرهابيين، وهي العملية التي أيقظت أنقرة التي رأت فيها مؤامرة لإقامة مناطق كردية معارضة على حدودها تهددها مباشرة. ومن الواضح من لعبة لوح الشطرنج السوري، أن الإيرانيين والروس نجحوا في نقل المعركة ضد أبرز خصوم نظام دمشق، أي الأتراك، وتهديد أمنهم مباشرة، الأمر الذي أسهم في تقليص الدعم التركي للمعارضة السورية.

واضحة لعبة المحور الإيراني، لكن الذي لم يكن مفهوًما التحول الأميركي نحو دعم الأكراد، وتسليحهم بقوة، رغم مخاطره على تركيا، حليفتهم في الناتو. ومع خروج إدارة باراك أوباما، ومجيء دونالد ترمب، متعه ًدا بتغيير مواقف سلفه، ظهر الأمل في أن يشمل التغيير الأميركي إدارتهم للأزمة في سوريا، على الأقل تكتيكًيا إن لم يكن استراتيجًيا. ومن المبكر معرفة الأفكار والخطوات الجديدة، لكن الدعم الغربي للأكراد مستمر، والخطر من «داعش» و«النصرة» يزداد في الداخل التركي إلى جانب استقواء الأكراد بالتحالفين الروسي
والأميركي في آن.

الصورة باتت أوضح لأنقرة، فالمشروع الإيراني الذي يريد أن يكون القوة الإقليمية الرئيسّية يريد إضعافها ضمن الصراع الإقليمي وليس فقط حماية النظام السوري. وهي نتيجة طبيعية للتوسع الإيراني في الشمال العربي، العراق وسوريا ولبنان، الذي يتطلب تحييد أنقرة كونها الدولة الموازنة لإيران، وهي تحتاج إلى تعزيز نفوذها في المنطقة أكثر من ذي قبل لفرض نفسها على الإدارة الأميركية التي تعتبر طهران خصًما لا شري ًكا، بخلاف إدارة أوباما.

ولا شك أن تركيا ارتكبت سلسلة أخطاء في التعامل مع الأزمة السورية، منذ انتقال الانتفاضة السلمية إلى ثورة مسلحة. عدم التدخل العسكري في مناطق نفوذها داخل سوريا، والضغط على دمشق آنذاك نحو حل سياسي توافقي مع المعارضة، ثم أخطأت في التهاون في مواجهة المعارضة الإسلامية المتطرفة، والتعاون المتأخر مع الحكومات الدولية التي كانت تشتكي من عمليات تجنيد مواطنيها من قبل التنظيمات الإرهابية الذين يعبرون من الأراضي التركية إلى سوريا. من المتوقع أن المجتمع الدولي سيقلق ويتحرك عندما يجد أن جماعات إسلامية متطرفة بدأت تتشكل في أي مكان في العالم، ومن المحتم أنه سيتحرك لمحاربتها.

تركيا تحاول أن تداوي عدة جروح في آن؛ فهي تصر على ملاحقة أشباح تنظيم فتح الله غولن في أنحاء العالم، الذي قام بالمحاولة الانقلابية. وتشن حرًبا على التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» داخل تركيا وِفي العراق وسوريا. وإقناع الغرب بالتوقيف عن تسمين التنظيم الكردي السوري. والتوصل إلى حلول براغماتية مع الروس والإيرانيين في سوريا. إنما خيارات تركيا في القضايا الإقليمية الأكبر أصبحت تضيق، فانتصار الإيرانيين في سوريا والعراق هو على حساب أنقرة وسيجعلها في حالة قلق مستمر، حيث لا ننسى أن سوريا كانت مركز النشاطات المعادية للأميركيين في العراق طوال سنوات وجودهم هناك، استضافت: «القاعدة» و«المقاومة العراقية»، ومن أراضيها انطلقت عملياتها. مع هذا، تبقى تركيا دولة إقليمية كبرى، تملك من الإمكانات العسكرية ما يجعلها لاعًبا قادًرا على الحسم، وهو الأمر الذي تحاشت ممارسته طوال فترة الأزمة السورية، ثم أصبح غير قابل للتفعيل بعد دخول الروس، حيث لم يعد ميزان الصراع في صالحها. وكل الأطراف الآن تنتظر الخطوات الأميركية المقبلة، هل تنهي الصراع لصالح نظام دمشق وحده على اعتبار أنه المنتصر، أم تفرض مصالحة سورية سورية لحفظ التوازن وعدم تمكين فريق إقليمي واحد من الانتصار، أم يوضع المزيد من الحطب على النار وتستمر الحرب؟

المصدر: الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا ومخاطر الحسم السوري تركيا ومخاطر الحسم السوري



GMT 00:00 2023 الأربعاء ,08 آذار/ مارس

"سماحة الإسلام" ليست كفراً

GMT 08:07 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

عودة «داعش»

GMT 08:16 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ليست النمسا.. بل أوروبا والإخوان

GMT 00:24 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

البغدادى انتهى لكن التطرف مستمر

GMT 00:30 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشمال السورى.. حيث الهدايا المجانية للإرهاب

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon