توقيت القاهرة المحلي 07:32:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المشهد من مشهد

  مصر اليوم -

المشهد من مشهد

بقلم : عبد الرحمن الراشد

 مظاهرات طهران عام 2009 كانت مفاجأة غير متوقعة، ليس لأن نظام إيران بلا خصوم في الداخل، بل المفاجأة أن المتظاهرين الذين هددوا النظام هم من صلب النظام. عشرات الآلاف، ولأيام، ولم يتم كبحها إلا بقوة السلاح والقتل.

الآن المظاهرات خرجت من الأطراف؛ من مدن مثل مشهد وانتشرت، تحمل شعارات معادية لآية الله ولسياسات الدولة، وتردد صداها في أنحاء إيران.

قد لا تقتل المظاهرات الشعبية النظام لكنها بالتأكيد تجرحه. آية الله خامنئي مع قياداته العسكرية والسياسية كانوا يعتقدون أن الترويج لانتصاراتهم في العراق، وسوريا، ولبنان سيمنحهم الشعبية ويمد في عمرهم، لكنها صارت حجة عليهم. معظم المظاهرات التي ظهرت في اليومين الماضيين كانت تستنكر التورط في الخارج وتمويلها، وتهرب الحكومة من واجباتها في الداخل.

مع بدايات التورط الإيراني في حرب سوريا، قبل نحو أربع سنوات، حذّر عدد من النواب في البرلمان الجنرال المتحمس للحروب قاسم سليماني من أن الدولة لا تستطيع أن تتحمل تكاليف مغامراته، ولن يقبل الشعب الإيراني أن يعود أبناؤه في أكفان قتلى دفاعاً عن أنظمة اخرى وفي حروب غيرهم. رد سليماني بأن حربه في العراق وسوريا هي دفاع عن أمن إيران وعن وجود النظام.

ولم يكن كلامه كافياً لتبرير الخسائر، ثم عاد سليماني يفاخر بأن الحرب للدفاع عن الجمهورية الاسلامية ونظام ولاية الفقيه لم تعد تكلف إيران الكثير. عمل على تأليف ميليشيات من الفقراء اللاجئين على أرض إيران من أفغان وباكستانيين، ومن داخل العراق، ونحو عشرين ألف لبناني من حزب الله. كان عدد العسكريين الإيرانيين بضعة آلاف قليلة، يقومون بعمليات التدريب والمخابرات والقيادة. وقال مفاخراً بأنه لم يكلف الخزينة الإيرانية كثيراً. كلّف إيران بضعة مليارات وحول معظم الفاتورة على العراق الذي أجبره على تمويل الحرب الإيرانية. دفع العراقيون فواتير الميليشيات المقاتلة، وفوقها التزامات النظام الإيراني السنوية تجاه حزب الله اللبناني، وحماس في غزة. إلا أنه بعد أن انحدرت أسعار البترول امتنع العراق عن دفع معظمها.

إيران دولة من تسعين مليون نسمة تقريباً، تعيش بشكل أساسي من مداخيل النفط، وهي تعاني الآن، مثلها مثل بقية دول المنطقة البترولية. لكن إيران بلد مغلق تماماً، ترزح تحت سلطة تشبه نظامي القدافي وصدام في الماضي، تعتمد على الأجهزة الأمنية، وتقيد استخدامات وسائل الاتصال والتحويلات البنكية، وتفرض غرامات كبيرة على السفر للخارج. لديها شبكة هائلة ومكلفة من الميليشيات والتنظيمات الإرهابية في أنحاء العالم من ماليزيا إلى الأرجنتين.

نعم، إيران دولة متقدمة في الصناعات العسكرية مقارنة بدول المنطقة، لكنها تبقى من الدول الفقيرة. وهي معضلة الأنظمة المشابهة لها، مثل كوبا وكوريا الشمالية. الاتحاد السوفياتي، ويوغوسلافيا، وألمانيا الشرقية، وليبيا، واليمن الجنوبي، وسوريا، وغيرها، أنظمة انهارت لأنها اهتمت بالتفوق الأمني والعسكري دون غيره، وبقيت دولاً فقيرة في كل الجوانب الأخرى. في إيران الحرس الثوري لا يدير الأمن، بل يتحكم في كل صغيرة وكبيرة، وزاد من نفوذه في عهد الرئيس أحمدي نجاد، حيث استولى حتى على المؤسسات الاقتصادية الكبرى بما فيها مصافي البترول.

من الطبيعي أن يأتي اليوم الذي يواجه النظام في طهران غضب الأغلبية التي ساندت وصوله للحكم قبل أربعين عاماً اعتقاداً منها أن حياتها ستتحسن لكنها ساءت.

أستبعد أن يستطيع الشعب الإيراني تحدي آلة النظام القمعية في الوقت الحاضر، لكنه بانتفاضاته المتقطعة يظهر للعالم صورة مختلفة. جمهورية آية الله قد تكون ميليشياتها وصلت إلى دمشق والموصل وبيروت وغزة وصنعاء، لكنها عاجزة عن بسط سيطرتها على مشهد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشهد من مشهد المشهد من مشهد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon