توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التحرش لم يعد قلة أدب

  مصر اليوم -

التحرش لم يعد قلة أدب

بقلم - عبد الرحمن الراشد

المفارقة أن التحرش من مشكلات المجتمعات المتحضرة، وليس العكس، والتحدي في كيف يمكن لجمه.
في السعودية، خطوة أخرى جديدة؛ صدر نظام مكافحة جريمة التحرش، بعد سنوات من النقاش. وما كان ممكناً كسر هذا الشد والجذب إلا في العام الماضي، عندما أمر خادم الحرمين الشريفين، وزيرَ الداخلية، بإعداد نظام لمكافحة التحرش. وأخيراً أكمل القانون الجديد دورته، وكانت آخر خطواته اعتماده من مجلس الشورى، ثم إقراره من قبل مجلس الوزراء برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز.
بأربعة أسابيع، استبق إصدار النظام قرار السماح بقيادة المرأة للسيارة. خطوة مهمة في لحظة حساسة، لكن النظام لم يكتب حصراً على القيادة، بل يغطي كل أوجه العلاقة في الحياة. وكلنا نعرف أن مد اللسان على الآخرين لا يقل إيذاء عن مد اليد بالتعدي. مشروع النظام الجديد صريح وواضح في تجريمه للتحرش، عقوبته السجن إلى عامين، وقد تُمد إلى خمس سنين في حالات محددة، وهدفه «تعزيز حماية حقوق الإنسان، والحفاظ على خصوصيته وكرامته».
أهميته في تنظيم المجتمع وحماية أفراده، والنساء بشكل خاص، من التنمر. آلاف النساء سيقدن سياراتهن، وقد يتعرضن للهجوم اللفظي في الشارع، وعلى المنابر، والإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي.
آلاف النساء الآن انخرطن في مجالات عمل جديدة غير مسبوقة، في الشركات والمحلات التجارية المفتوحة، في بعضها أمر لم يعتد عليه المجتمع الذكوري السعودي، وبهذا العدد الكبير، في وقت هناك من لا يزال يرفضه.
أيضاً فتح الأبواب للمرأة لحضور المجاميع الفنية، ودور السينما، والملاعب الرياضية، والأماكن التجارية، وغيرها، كلها ستحتاج إلى حماية القانون ضد الشتيمة والإهانة والتخويف اللفظي، وكذلك أماكن العمل المشتركة التي كانت تعاني من ضبابية في التعامل مع حالات التحرش.
الغريب أن التحرش كان في نظر البعض عملاً محموداً؛ وسيلة ردع، والهدف منع المرأة بتحقيرها. النظام الجديد أنهى سنوات من الحياد السلبي، والآن يُصنف التحرش جريمة، وعقوبتها قاسية. وصار النظام هو المرجع، يحكم المجتمع، ولم يعد هناك مكان لوصاية البعض على البعض الآخر.
القانون الجديد يؤكد على السعودية الجديدة؛ للتأكيد على عمق، وجودة وجدية التحديث الذي أدخلته الحكومة بشجاعة وعدالة معاً. لم تُعط المرأة حق الحياة العادية مثل الرجل، مثلما رأينا في تطورات السنتين الماضيتين، بل أيضاً قنَّنت نظاماً ليساندها. وكلنا نعرف أن النظام الجديد لمكافحة التحرش ليس جديداً بل يعكس الدين وأخلاق المجتمع وقيمه الأصيلة، التي صارت تحتاج إلى أن تصاغ وتُصب في قوالب قانونية بعد أن دخلته أمراض مجلوبة ونعرات الجاهلية، ثقافة الأمس تعتبر عملها أو ممارستها حياتها خارج بيتها رذيلة، وبالتالي كان صعباً مواجهة هذه الثقافة. من يرضى أن تُسب أو تهان امرأة؟ من يرضى بتنمر القوي على الضعيف؟ كان من بين مبررات الذين يخافون على قريباتهن من العمل في المحلات العامة خوفهم عليهن من التحرش، اليوم النظام هو سندهن، والتأكيد على أن الدولة لها السيادة وأنظمتها مرجعية الجميع.
القانون يتطور مثل كل شيء آخر في حياتنا، ومكافحة التحرش لبنة أخرى في التحديث والتنظيم. ولاحظنا أن مشروع النظام مال بشكل أقوى نحو حماية الأضعف من الأطفال، وذوي الاحتياجات، والذين يعملون تحت سلطة من يتعدى عليهم بالتحرش.
الآن لم يعد التحرش مخالفة ولا قلة أدب، بل جريمة، فيها محاكم، ولها أحكام، وعقوباتها سجن وغرامات.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحرش لم يعد قلة أدب التحرش لم يعد قلة أدب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 16:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بنزيما يرشح كاسيميرو وعوار وفقير للانضمام لـ اتحاد جدة

GMT 23:51 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

شركة آسوس تطلق هاتفها الذكي Zenfone 6 الجديد

GMT 12:48 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

نقل سولاف فواخرجي للمستشفى بعد حادث أليم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon