توقيت القاهرة المحلي 20:02:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عون جسر لمن؟

  مصر اليوم -

عون جسر لمن

بقلم : عبد الرحمن الراشد

ً ليس غريبا أن يكون الاختلاف في لبنان هو سيد الموقف غالبا، فهو بلد الـ17 طائفة دينية المعترف بها رسميا. وتأثير هذا البلد الصغير أكبر من حجمه، مساحته نحو نصف مساحة دولة الكويت، ولعل هذه الصورة توضح سبب استمرار التنافس الإقليمي على ترابه ومؤسساته منذ استقلاله إبان الحرب العالمية الثانية.

وقد أضيف فصل جديد لتاريخه الصعب بوصول الجنرال ميشال عون إلى كرسي الرئاسة في أقدم جمهورية في العالم العربي، وهي كبقية دول المنطقة تحتفظ بشكليات الجمهورية، مثل الانتخابات والبرلمان وتداول السلطة، لكنها أقرب ما تكون إلى حكم النخبة. وحتى نفوذ النخبة السياسية التقليدية للطوائف تقلص، عندما كانت هناك توازنات. الوضع حاليا في لبنان يهيمن عليه بشكل كبير فريق واحد، «حزب الله» ً ، وأخيرا صار له ما أراد، بخضوع الأطراف المعارضة له بترئيس عون، بعدما كان يعتبر وصوله من المحرمات وسابع المستحيلات.

ً والكثير من اللبنانيين، وغيرهم، غير راضين على وصول عون للرئاسة سواء كان رفضا لشخصه، أو اعتراضا على هيمنة «حزب الله» على القرار الرئاسي، الذي يفترض أنه خاص بالطائفة المسيحية المارونية، وفق اتفاق الطائف. لكن، ورغم الغضب والاستنكار، فإن السؤال هل يغير منصب الرئيس، بغض النظر من يسكن قصر بعبدا، في الواقع اليومي للدولة اللبنانية، أو علاقاتها الخارجية؟ هل هناك ما يستوجب الاعتراض وافتعال معركة أو الإبقاء على الفراغ الرئاسي والدستوري؟ منصب الرئيس محكوم بقيود كثيرة، وقد همشت الميليشيات والقوى السياسية المتحاربة الدولة ومناصبها الرئاسية الثلاثة.

وفي رأيي الشخصي أن الرئيس عون هو من سيحتاج إلى خصومه، أكثر مما هم محتاجون إليه. وهو من عليه أن يخشاهم بعد أن كانوا يخشونه عندما كان في المعارضة. لن يستطيع لوحده إيجاد الحلول والحفاظ على السلم الأهلي وتمضية أربع سنوات مريحة من دون أن يقرب المسافات البعيدة بينه وبين الآخرين. لبنان مسرح كبير للعالم العربي، والمنطقة عموما، لعب دائما دور المضيف للقوى الإقليمية المختلفة، تصارع على أرضه الناصريون والملكيون، العروبيون والانعزاليون، السوريون والفلسطينيون، المسيحيون والمسلمون، السنة والشيعة، الإيرانيون والخليجيون، الخليجيون فيما بينهم. وهذا سبب دماره وسبب اهتمام الجميع به.

هناك الكثير من الأسئلة التي ستفرض نفسها، ومن خلالها يمكن استقراء الوضع القائم والمستقبل القريب حول وضع الطوائف، والعلاقات مع الأقطاب المتنافرة، في دمشق ومع إيران، والخليج، وفرنسا، وروسيا، وغيرها. هل سيرد الرئيس الفضل لـ«حزب الله» الذي أوصله للمنصب بتمكين الحزب من مؤسسة الرئاسة؟ وما الذي يمكن أن يفعله الرئيس عون في ظل تجاذبات محلية وإقليمية بلغت أسوأ مراحلها؟ القليل جدا.

نحن نبالغ في دور الرئيس نتيجة للسلطات الهائلة التي يملكها الزعماء العرب الآخرون، في لبنان صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة في ظل الدستور واتفاق الطائف المكمل له، وكذلك محدودة سلطات رئيس الحكومة.

المختلفة، وينهي النزاع الذي كان طرفا فاعلا فيه، وسيكون أفضل رئيس عرفته الجمهورية منذ أيام الرئيس ً من الأفضل أن نبدأ دائما متفائلين. فالرئيس عون يستطيع أن يطرح برنامج مصالحة يقرب بين الأطراف بشارة الخوري. وهذا فيه تفاؤل مفرط. وبإمكانه أن يكون أسوأ من الرئيس إميل لحود، فيزيد الفرقة ويشعل المزيد من الخلافات. إن أراد المصالحة فهو يستطيع تحقيقها، وإن أراد تعزيز وضع «حزب الله» فإنه سيصطدم بالواقع اللبناني القاسي، بالقوى المختلفة التي لن تتنازل له على حساب وجودها.

أصبح عون رئيسا للبنان وكل اللبنانيين، وفق أصول اللعبة «الديمقراطية» اللبنانية، وليس على الجميع إلا أن يعترف به، بغض النظر عن الآراء والتحفظات والخصومات، والتعامل معه وحثه على أن يكون جسرا للمصالحة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عون جسر لمن عون جسر لمن



GMT 01:54 2024 السبت ,04 أيار / مايو

أضواء التنوير لم يرها بريجينيف

GMT 04:47 2024 السبت ,16 آذار/ مارس

ما بعد غزة كما ما بعد السويس

GMT 04:53 2023 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

ثمن الزعيم

GMT 16:10 2023 الأربعاء ,09 آب / أغسطس

انتخابات القرن العشرين

GMT 01:10 2023 الأحد ,02 تموز / يوليو

كي لا يكون التاريخ سجناً

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon