توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدولة أكبر من الرئيس

  مصر اليوم -

الدولة أكبر من الرئيس

بقلم : عبد الرحمن الراشد

وجد السياسيون المتضامنون مع الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترمب، أنفسهم بين خيارين؛ إما خسارة الحكومة أو خسارة الحكم، الأغلبية اصطفت مع الدولة، فالمؤسسة أهم من الفرد. ما جرى أمس في واشنطن قانوني، بما في ذلك الاعتراض على النتائج وضد ترئيس جو بايدن، باستثناء اقتحام الكونغرس وتهديد أعضائه.

اهتزت صورة الولايات المتحدة، البلد الذي يفاخر بنظامه ويحاضر على الأمم الأخرى بأخلاقياته، لكن ما يقال عن انهيار الولايات المتحدة وحرب أهلية وفشل النظام السياسي، لا يمت للواقع هناك بشيء. أميركا بلد مؤسسات، ونظامها راسخ. وما فعله الرئيس ترمب وشكك ملايين الناس في النظام كان امتحاناً لمؤسسات الدولة التي تفوقت عليه في الأخير.
هناك فارق كبير بين التنافس على الحكومة والصراع مع النظام السياسي. الدولة أكبر من الحكومة ومن الأحزاب، وهي تمثل المؤسسات المختلفة، الرئاسة والتشريعية والقضائية والحكومة البيروقراطية، والحكومات الفيدراليات، ونشاطاتها ومنشآتها المدنية والعسكرية. والمؤسسة العميقة، المتهم الرئيسي في نظرية ترمب المؤامراتية، هي الأجهزة القوية للحكم، سواء عسكرية أو أمنية أو اقتصادية أو سياسية، مثل الحزبين الحاكمين في أميركا. ومن الطبيعي، بغض النظر عن هراء نظريات المؤامرة، أن هذه المؤسسات ستحمي الدولة، لا الحكومة أو الرئيس، ولن تسمح لترمب أو غيره بتدمير الهيكل أو هزّ أركانه. لا توجد هنا مؤامرة، ترمب فاز بالرئاسة بفضل النظام الذي يهاجمه، سمح له بالترشح والفوز والحكم، مع أنه لم يعمل في حياته في السياسة. نفس النظام الذي أدخل ترمب البيت الأبيض هو النظام الذي يخرجه منه اليوم، من خلال القوانين. وحديثه عن التزوير وسرقة الحكم كلام بلا أسانيد موثقة. النظام الأميركي ليس بريئاً تماماً، فهو يصنع قادته ويسمح للمتنفذين بذلك من خلال التبرعات وقوى الضغط ووسائل الإعلام، ضمن منظومة تشريعات معقدة تنتج مخرجات محددة. ودائماً في داخل الولايات المتحدة فئات ترفض هذا النظام وتتمرد عليه، وقد ثارت عليه في الستينات وكانت ثورتها في حركة الحقوق المدنية أعظم مما شاهدناه اليومين الماضيين وعمت كبريات المدن. لكن النظام الأميركي أكبر منهم جميعاً ولديه القدرة على استيعاب الغاضبين وإشراكهم، لهذا رأينا باراك أوباما من الأفارقة الأميركيين وكامالا هاريس من أصول هندية جامايكية.
للأميركيين، الدولة وسلامتها أهم من اعتراضات ترمب وجمهوره، وتلجأ السلطة إلى القوة لحماية نفسها، وإلى عزل الرئيس إن شكل خطراً على نظامها. الجمهوريون بأغلبيتهم وقفوا أمس في الكونغرس ضد رئيسهم لأنهم يعتقدون أنه أصبح يهدد نظام الحكم ويشق صف الشعب. وهم في البداية ساندوه في شكواه وشكوكه في سلامة نتائج الانتخابات. مكنوه من استخدام كل السبل القانونية، رفع 50 دعوى في المحاكم الفيدرالية وخسرها إلا واحدة، كانت على عدد صغير من الأصوات. وذهب للمحكمة العليا التي معظم قضاتها من معسكر ترمب، وهي الأخرى رفضتها. رفاقه وقادة حزبه الجمهوري أيضاً رفضوا اعتراضاته، حكام الولايات المعنية الجمهوريون أيضاً قالوا له إن ادعاءاته غير صحيحة. لا يعقل أن كل هؤلاء متآمرون ضده! الفارق أنهم أبناء المؤسسة الحاكمة وهو دخيل عليها، لكن ترمب يتفوق عليهم بشعبيته الجارفة ومع أن ما يقوله عن المؤامرة والتزوير أوهام، وربما هو مقتنع حقاً بصحتها. وهذا لا ينفي أن خصومه ثعالب يعرفون كيف يديرون المعارك والانتخابات أفضل منه بدليل أنهم سهلوا عملية التصويت بالبريد التي كانت لصالحهم، مستفيدين من ظروف الوباء، وهو نظام لم يعرف ترمب كيف يتحداه مبكراً ويقيده بحيث يحرم خصومه من استغلاله.
النظام الأميركي، طالما أنه يملك آلة صناعية هائلة، وسوقاً اقتصادية غنية، وجامعات ومراكز أبحاث مبدعة، وأمة حية، فإنه سيبقى قوة متفوقة. وما حدث أخيراً فصل مخجل ومحرج وسيتجاوزونه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة أكبر من الرئيس الدولة أكبر من الرئيس



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon