توقيت القاهرة المحلي 22:17:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوريا ودعوى الخذلان

  مصر اليوم -

سوريا ودعوى الخذلان

لا أحد يستطيع أن ينكر أن ما يحدث في سوريا مروع بكل ما تعنيه الكلمة، الآن طائرات الهليكوبتر، والدبابات، والمدفعية الثقيلة تدك الأحياء السكنية في الكثير من المدن، ومعظم ضحاياها أطفال ونساء وشيوخ، هذه الفظائع يدري بها المراقبون، والمنظمات، والحكومات في أنحاء العالم، مذبحة بشرية مستمرة منذ أكثر من عام والمجتمع الدولي لا يفعل شيئا لمنعها، هذا أمر لا جدال فيه. مع ذلك، أعتقد أن الفاعلين في قلب الثورة وعلى أطرافها يخطئون عند التحريض ضد الجميع بحجة أنهم لم يفعلوا شيئا، لأن الثورة السورية ربما لم تصل إلى ما وصلت إليه من تقدم لولا وجود شيء من المساندة الخارجية لها، سياسيا ومعنويا وماديا، دول مثل السعودية والإمارات وقطر وتركيا وفرنسا وغيرها تناصرها منذ البداية، لكنها رسميا لا تستطيع إعلان ذلك لأسباب قانونية تضعها تحت طائلة الملاحقة، وتفتح على نفسها أبواب الانتقام من القوى الدولية الأخرى المعارضة. ما كان سهلا على المعارضة أن تعمل من دون تركيا التي استضافت نشاط الجيش السوري الحر، وعلى أرضها قام المجلس الوطني كحركة سياسية، ومن حدودها تتم عمليات التهريب المستمرة منذ عام، بالسلاح والأفراد والمقاتلين والإعلاميين، كذلك دول الخليج، هي منذ البداية تقدم للثوار دعمها، تحت الطاولة، دعائيا وماديا ودبلوماسيا وغيره، ولا يمكن أن ننكر أن الفرنسيين يبذلون جهدا كبيرا لجمع المعارضة، وترتيب العمل السياسي، ومواجهة النظام السوري سياسيا، وحتى نرى الأميركيين، ولهم مصلحة واضحة في إسقاط نظام بشار، يقدمون مساعدة نوعية من المعلومات الاستخبارية تساعد المقاتلين على الأرض على التحرك، تمرر لهم عبر وسطاء عرب، صحيح أننا لا نرى في سماء سوريا ما رأينا في سماء ليبيا، مقاتلات الناتو تقصف قوات الأسد، وتدمر أسطوله الجوي ودباباته، الدعم أقل بكثير، لكن هذا القليل ضروري، ولولا تأييد الثورة لما استطاع الكثير من قادة المعارضة والثوار الترحال، وما استطاعت معظم وسائل الإعلام العمل واستضافة المعارضين، ولو لم يكن معظم المجتمع الدولي يتعاطف مع الشعب السوري لاستطاع النظام خنق المعارضة لسنين مقبلة، كما فعل نظام البشير بأهل دارفور لسنين طويلة، مات نحو مليون إنسان في حرب دامت سنوات، ولم تجد استغاثاتهم سوى الدعم الكلامي من المجتمع الدولي، والتجاهل العربي. لا يجب أن يظن أحد أن إسقاط نظام حديدي، كنظام الأسد المدعوم روسيا وإيرانيا، مسألة سهلة، ومعظم المآسي المشابهة لم تحسم دوليا إلا بعد معارك طويلة في دهاليز الأمم المتحدة وغيرها، فالبوسنة استمرت لعامين قبل تدخل الناتو وإسقاط نظام ميلشوفيتش، عرف العالم بالكثير من المآسي ولم يبال بها أحد في سيراليون وكمبوديا وليبيريا ورواندا وغيرها، إلا بعد أن دفنت آخر جثة. ولا يحتاج للمرء أن يعمل في الحقل السياسي حتى يدرك أن الأرض مليئة بالأنظمة الشريرة، وأن الأمم المتحدة قلما تنجد المستغيثين من المظلومين، ولا أدل على ذلك من قضية الشعب الفلسطيني، حيث الظلم مستمر لأكثر من سبعين عاما، دوافع التدخل الدولي محدودة، فسوريا ليست الكويت ولا ليبيا، حيث النفط فيها عامل استراتيجي دولي، ويزيد الأمر تعقيدا أن سوريا جزء من صراع الجغرافيا السياسية بين القوى الكبرى، عندما سألوا المندوب الروسي في الأمم المتحدة لماذا استخدم الفيتو ضد قرار منع مجازر الأسد، رد بسخرية: «كل المسألة.. استهداف إيران»، أي أن السفير لا يرى في انتفاضة السوريين إلا أنها خطة لتطويق إيران! وهذا ما يردده البعض خطأ مثل فهمي هويدي: «حكاية المؤامرة على سوريا صحيحة ولا أحد يستطيع أن ينكرها، لكن أحدا لا يستطيع أن ينكر أيضا أن إذلال النظام السوري للشعب مكن لمخططات التآمر أن تنفذ»! طبعا هذا هراء، فهل أطفال درعا، الذين بسببهم انتفض السوريون، جزء من مؤامرة؟ نظام الأسد في كل تاريخه إجرامي، هذه هي الحقيقة البسيطة، لا يوجد متآمرون في ثورة سوريا، لكن قد توجد مصالح متطابقة لدول مختلفة تريد مساعدة الثوار. ومن صالح الفاعلين في الثورة السورية أن يستفيدوا من كل دعم مهما صغر، لأن ذلك يعجل بنهاية النظام، والأهم أن أمامهم طريقا صعبا في الحفاظ على سوريا، أرضا وقوى متحدة، وهنا يكون الدور الدولي في غاية الأهمية. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا ودعوى الخذلان سوريا ودعوى الخذلان



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon