توقيت القاهرة المحلي 22:33:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكويت: لمن الاحتكام؟

  مصر اليوم -

الكويت لمن الاحتكام

عبد الرحمن الراشد

عند الحديث عن أزمات الكويت السياسية تشعر كأنك في لبنان، كلما تبحث عن حل تدخل في متاهات أكثر تعقيدا، لسبب واحد هو أنه نظام سياسي حديث تم تفصيله بمقاييس قديمة. في لبنان هناك انتخابات، مع هذا لا يهم من صوت أكثر، فرئيس الجمهورية مسيحي ورئيس الوزراء سني ورئيس النواب شيعي، ثم يتم تقليد نحو ألف منصب حكومي وفق هذا السلم الحلزوني. في الكويت، مهما كانت نتائج الأصوات يبقى البرلمان معارضا للحكومة وبالتالي تستمر الأزمات. ولا أود أن أدخل في جدل الحالة الكويتية الراهنة لسبب بسيط جدا، أنني عاجز عن فهمها رغم استماعي لكثير من الأصدقاء وتكثيف قراءاتي للمستجدات هناك. في رأيي إن أهم ما يمكن أن يقال ليس من هو محق أو مخطئ، بل من الذي يحكم، أي ما هي المرجعية في النزاع السياسي الكويتي؛ هل هو الأمير، أم المحكمة الدستورية، أو القضاء، أو البرلمان نفسه، أم الشارع؟ أما الخلاف فهو طبيعي جدا في مجتمع حيوي كالكويت، لكن من سيفصل عند التنازع على تقسيم الدوائر إلى واحدة أو عشرين، أو الخلاف على صوت للناخب أم أربعة، وصلاحيات البرلمان، والآتي أعظم؟ الذي أعرفه أن المحكمة الدستورية هي المرجع، في الحالة الطبيعية لمعظم الدول ذات النهج الديمقراطي. من المؤكد أن للأمير احترامه، فهو رمز النظام ككل، لكن هو نفسه قبل بالـ«دستورية» في الخلاف السابق. وبعض المعارضة عندما يرفض الاحتكام لها ويريد أن يعظم من دور مجلس الأمة، فإنه عمليا يلغي توازن السلطات الذي يعتبر أساس أي نظام في العالم. أما البعض الذي يعتبر الشارع هو المرجع، فإنه فعليا يلغي النظام القائم، وهذا يحدث في حالة واحدة فقط، عند قيام ثورة، حيث يمكن إلغاء المراجع الدستورية. المشاعر الجياشة في الكويت اليوم، تذكرنا ببدايات العام الماضي في مصر، حيث كان الهرج كله يدور باسم «الشعب». الآن كثيرون يعترفون بأخطاء البدايات ويحاولون تصويبها، لكن فات الوقت على معظمها بعد انتخاب رئاسة، وتنصيب حكومة وبرلمان، كل ذلك قبل الاتفاق على وسيلة الاحتكام، أي الدستور. في الكويت رغبة في الإصلاح، ويجب أن يسبق الإصلاح القبول بالمراجع الدستورية أولا. فالجدل واسع والمعارضة متفقة ضد الحكومة لكنها مختلفة فيما بينها. البعض لديه اعتراضات محدودة، مثل عدد الدوائر والأصوات، والبعض لديه اعتراض شامل على النظام، يريد تعديل الصلاحيات وجعل البرلمان هو المشرع والحاكم. بين هاتين النقطتين مسافة بعيدة جدا، وبعيدتان كثيرا عن النقطة الثالثة، أي قيادة النظام السياسي. هذا ما يقدم الاهتمام أولا بمراجع الدولة حتى يجعل كل الخلافات قابلة للحل، ودون احترام الدستور تصبح الكويت دولة فوضى، وقد تخسر كل ما بنته من تطور سياسي على مدى نصف قرن. وكل المتابعين يعرفون أن معظم الذين نزلوا للشارع محتجين، هم أصلا جزء من النظام السياسي ولا بد أنه يهمهم المحافظة عليه، بتطويره لا بتدميره. وفي الأخير، الشعب الكويتي نفسه سيكون أكثر الغاضبين إذا اكتشف لاحقا أن كل التصعيد عمل سياسي فقط لا يخرج الكويت من عجزها التنموي الذي يلام عليه التنفيذيون والمشرعون. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت لمن الاحتكام الكويت لمن الاحتكام



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon