توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أذاعها خلفان وطمستها إسرائيل!

  مصر اليوم -

أذاعها خلفان وطمستها إسرائيل

عبد الرحمن الراشد

ننتقد كثيرا السلطات العربية، ونتهمها بأنها خارج العصر الحديث، ونلومها على تمسكها بسياستي المنع والصمت، ثم نرى إسرائيل لا تقل سوءا، ونحن نفترض أنها دولة حديثة وقوية وقادرة على التعامل مع كل الأشياء بشفافية، ولديها أكبر منا جامعات ومراكز أبحاث وإعلام متقدم! القصة هي العميل الإسرائيلي «إكس»، الذي قيل إنه وجد منتحرا في زنزانته بعد أن كان قد غيب سرا في السجن، وأعطي رمزا لإخفاء هويته. وبعد بداية افتضاح أمره بسبب قناة تلفزيون أسترالية، ركض الأمن الإسرائيلي لتكميم إعلامه المحلي بجمع المسؤولين الصحافيين الإسرائيليين وتحذيرهم من النشر، فزاد الأمر شوق الإعلام البريطاني وغيره لنبش الملف ثم افتضاح «الجريمة». وبغرض المقارنة، نتذكر سقوط آخر مفاهيم السرية عندما فاجأ قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان العالم بالكم الهائل من الصور والمعلومات عن الخلية الإسرائيلية التي تسللت واغتالت القائد الفلسطيني المتخفي المبحوح في مطلع عام 2010. عرض صور 27 شخصا قدموا من ست دول مختلفة بجوازات سفر غربية مزورة. كان ذلك مشهدا غير مألوف.. صور الوجوه والجوازات والأماكن وخريطة المؤامرة. في عالم التقنية والاتصال الحديثين لم تفد كثيرا الجوازات المزورة والشعر المستعار والملابس التنكرية، لأن وجوه الخلية ظهرت ولا بد أن هناك من شاهدها في أنحاء العالم، وتعرف عليها في الحي أو المدينة أو الجامعة، كانت بمثابة عقوبة قاسية ألغتهم كعملاء. وقد لا يكون السجين «إكس»، الذي يزعم الإسرائيليون أنه انتحر، أحد مشتبهي قتلة المبحوح، لأنه بحسب الإعلام الأسترالي بدأ التحقيق في طبيعة نشاطاته قبل جريمة دبي بنصف عام. إنما من المؤكد أن الإسرائيليين أثبتوا أنهم نظام عسكري أمني قديم، متمسك بالمفاهيم البالية، بعد الفضيحة سعى لتكميم الصحافة الإسرائيلية مع أن العالم مليء بوسائل أسرع تنشر الأخبار. ينقل الكاتب الإسرائيلي رونين بيرغمان عن خبير بتاريخ الرقابة العسكرية قصة قديمة من قبو بيت سوكولوف: «كان عندنا قبل أربعين سنة جهاز تنصت على خطوط هواتف الصحافيين الأجانب. كانوا يتصلون بزملائهم في الخارج، وكنا نجلس ونصغي إلى مكالماتهم من القبو. وفي كل مرة يتجاوز الصحافي المسموح به كنا ندخل على خط الهاتف ونصيح به ليكف، وإذا لم يفد ذلك كنا نقطع المحادثة أيضا. والذي بادر إلى (إخفاء قصة القتيل) أعتقد أنه ما زال (يعيش بعقلية) ذلك القبو». ويروي قصة مشابهة لسياسة إخفاء الحقيقة باسم ضرورات الأمن، وهي في الحقيقة إخفاء عملية قتل ارتكبها الأمن الإسرائيلي لأحد عملائهم قبل أكثر من نصف قرن. يقول إن ابن القتيل عاش عقودا مصدقا أن أباه فر إلى البرازيل وتخلى عنه وأمه. هكذا كذب الأمن على عائلته حتى جاءه الصحافي بعد خمسين عاما وأبلغه أن والده عميل أمني قتل بجرعة مخدر أثناء اختطافه لإعادته إلى إسرائيل، ولإخفاء الجريمة قرروا رمي جثته في البحر والزعم بأن الرجل فر إلى الخارج. ربما يمكن إخفاء جريمة سياسية في عام 1952، إنما كيف يمكن إخفاؤها اليوم؟! أشرطة فيديوهات دبي أثبتت أن الكذب ممكن لكن ليس للأبد، وفوق ارتكاب جرائم سياسية هناك إثم الكذب والتدليس. وعندما يعيرنا الإسرائيليون بأن الصحافة العربية ليست حرة، وهم في إسرائيل يستطيعون أن يرموا رئيس الوزراء بالطماطم الفاسدة، نقول لهم صحيح!.. على الأقل نحن نعرف أنها ليست حرة ونحن لسنا راضين، لكنكم شركاء في التزوير وبشكل جماعي! عصر جديد يدار بعقول قديمة، ليس في الكذب الصحافي بل في السياسة كذلك. القادة الإسرائيليون يظنون أن احتلال الأراضي الفلسطينية أمر مضمون ودائم، ما دام هناك وفرة في الإسمنت والكثير من البارود، لكنهم سيجدون أنفسهم في يوم خارج الزمن وخارج الأرض. الاحتلال ربما يستمر قرنا، إنما سيظل احتلالا يأكل كل إمكانات الدولة الإسرائيلية وإنتاجها، وستتوقف المصانع عن إنتاجه. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أذاعها خلفان وطمستها إسرائيل أذاعها خلفان وطمستها إسرائيل



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon