توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إلى فاطمة وأخيها

  مصر اليوم -

إلى فاطمة وأخيها

عبدالرحمن الراشد

ما الذي يمكن أن يعزي الإنسان به زميلا في رزيته، ومن يبكيه مات في المعسكر الآخر؟ في سوريا كلها معسكرات موت متشابهة، كلها تفيض بالدم والحزن والأكاذيب. نقول للزميلة في جريدة «النهار» فاطمة عبد الله التي نعت أخاها الذي قتل مع حزب الله في سوريا، كلهم مثل أخيك الذي تبكينه ماتوا بلا سبب، ماتوا فقط. لا نملك ما نقوله لمن يموت هناك، في سوريا حيث يقتتل الأهل، كلهم قتلى، وكلها جثث، حربها حرب تفيض بالأنانية، ونزاع على مجد شخصي. أخو فاطمة هو مثل عشرات، بل مئات الآلاف من الإخوان والأبناء والنساء الذين ماتوا عبثا، دون تزيين أو تبرير، ماتوا صغارا، وكبارا. سموهم ما تشاءون، سموهم أبطالا، شهداء، كلهم ضحايا. ما كتبته فاطمة، آلمنا وأبكانا جميعا، هي حكاية الكثيرين اليوم، حيث يلف الموت ويهدى للناس كالورود، ويزف الميت بالعطر والأهازيج والتبريكات. ما قالته فاطمة في أخيها، وعن أمها: «نحن نبكي فقط، فيما هي تكوى. سأترك جانبا بأي الطرق يخفف عن (أم الشهيد)، وكيف تلقن (الصبر). سأترك ذلك للجميع، وأحدثك عنها من دون تحميلك ذنب وجعها». ونحن أيضا، لا نريد أن نحمل كتف أحد خطأ، ولا أن نزين صدر أحد بالأوسمة والنياشين، في سوريا بركة دم هائلة، سواء من مات فيها من هؤلاء أم من أولئك. هذه حرب ظالمة كان يمكن أن تحسم بلا موت أو حزن، وكان لمئات الآلاف من الناس أن يعيشوا مع أمهاتهم وبين إخوانهم وأخواتهم. لماذا مرثية الزميلة فاطمة أحزنت وآلمت أكثرنا، في وقت ظننا أن المشاعر تبلدت، بعد ثلاث سنين من فيضان لم ينقطع يوما واحدا من صور الموتى والجرحى والثكلى؟ السبب أنها لم تكتب لتتكسب سياسيا أو تؤثر في أحد منا عاطفيا، عبرت كأخت فقدت أخاها لم تمل إلى موقفه إن كان له موقف، ولم تحاسب الرصاصة التي سرقت روحه، لم تمنحه أيضا الشهادة، ولم تبرر له أو لمن بعثه للموت هناك. هذه المرثية الصادقة جاءت وسط خراب عريض وقوافل طويلة من الموتى، قيلت بتجرد موجع ومباشر. ومع هذا الصفاء في مرثيتها انتقدت بشراسة، لماذا هذا العنف ضد أخت تبكي أخاها؟ ذلك لأنها ناحت بصدق عرى دعاة الموت والمستأجرين من فرقة النوبة. أختم بما تختم به فاطمة: «أقبل وجهك المحطم وقدميك اللتين اختارتا طريقهما. أقبل روحك التي توجع روحي وحذاءك الذي تركوه لنا وكل صورك». ولمن أراد أن يقرأ المقال فهذا رابطه: «http://newspaper.annahar.com/article/113465 إلى أخي الذي مات في سوريا». نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى فاطمة وأخيها إلى فاطمة وأخيها



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon