توقيت القاهرة المحلي 05:36:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أبو قصي ومزاعم الجهاد

  مصر اليوم -

أبو قصي ومزاعم الجهاد

عبدالرحمن الراشد

تونس، بلد بعيد نسبيا، وصغير أيضا، مع هذا هو مثل بقية دول المنطقة يعاني من مضاعفات الحرب السورية، ليس بحجم الأردن ولبنان، إنما أحد همومه الأمنية، خوفه من تجنيد شبابه وتحويلهم إلى قنابل بشرية. ويبدو أن هناك من يريد وقف مد التجنيد والجهاد، فتفتق ذهنه عن وسيلة للتخويف والتشويه. الأسبوع الماضي ظهر شخص سمى نفسه بأبو قصي على إحدى محطات التلفزة التونسية مخفيا ملامح وجهه، زعم أنه أحد الجهاديين العائدين من سوريا، لأنه اكتشف على حد قوله أنها حرب قذرة وليست حربا مقدسة. اتضح أن الرجل مزور، أرسل ليظهر على المشاهدين التوانسة لحثهم على منع أبنائهم من الانخراط في صفوف الجماعات الجهادية الإرهابية. الرسالة سليمة لكن الوسيلة خاطئة. هناك عشرات مثل أبو قصي يحملون تجارب حقيقية ويمكن أن يعكسوا الحقيقة دون تزوير أو مبالغات. والحرب في سوريا حربان، لا علاقة لإحداهما بالأخرى. حرب السوريين ضد النظام، وحرب المتطرفين ضد عامة الناس، لأن نساءهم لا تتحجب، أو لأنهم لا يصلون الصلاة في أوقاتها، أو لأنهم مسيحيون أو دروز. الحرب الأولى من الشعب السوري ضد النظام لأنه قمعي يحكمهم منذ أربعين عاما، ممثلا فكر البعث الفاشي المقيت، بقيادة عصبة تستخدم طائفتها الصغيرة لإدارة البلاد. بلد يحكم قمعا، من الطبيعي أن ينفجر في ساعة ما، وهذا ما حدث في مطلع عام 2011 عندما ثار أهل درعا ردا على قيام أجهزة نظام الأسد بتعذيب أطفالهم، وتهديدهم في أرواحهم وممتلكاتهم، ثم انتشر التمرد على النظام في أنحاء الجمهورية ولا تزال حرب السوريين للتخلص من نظام الأسد مشتعلة. أما الحرب الثانية، القذرة، فهي تلك التي تديرها جماعات تسمي نفسها بالجهادية. هذه لا علاقة لها بمطالب الشعب السوري أو مشاعره. لها مشروع لا يلتقي معهم في شيء، بل تلتقي مع مثيلاتها في الصومال واليمن والعراق والجزائر وباكستان والخليج. مشروعها إقامة دولة متطرفة وأقرب نموذج لها الخوارج الذين ثاروا على الخليفتين عثمان وعلي، وكانوا يسمون أنفسهم بالمؤمنين، وكانوا يكفرون الحكام ويعاقبون العامة لأنها لم تكن مسلمة بما فيه الكافية. «القاعدة» المتطرفة عندما قاتلت في العراق في السنوات القليلة الماضية لم يكن هدفها إخراج الأميركيين أو دعم نظام سياسي ضد آخر، بل قامت أولا باستهداف المناطق التي آوتها، مثل مدينة الفلوجة وعذبوا أهلها لأنهم لم يكونوا على نفس التشدد الديني الذي يعتبرون من يرفضه يستوجب محاسبته. لقد اكتشفت في مناطقهم التي سيطروا عليها سجون ومقابر بشعة. وهم يفعلون الشيء نفسه اليوم في المناطق التي استولوا عليها في شمال سوريا. وقد قام الأهالي بمحاربتهم واعتبروهم شرا مثل نظام الأسد. هل يستوجب إقناع الناس برفض تنظيمات متطرفة مثل داعش وجبهة النصرة، الاستعانة بوجوه مزورة ورواية حكايات من نسج الخيال؟ طبعا لا، هذا غباء إعلامي وسياسي. لأن هناك أشخاصا حقيقيين كانوا جزءا من هذه الجماعات وانشقوا عليها، اعتراضا عليها. ويمكن الاستعانة بشهاداتهم دون تشويه ما يجري على الساحة السورية وما يعنيه من خدمة لنظام الأسد. ثم إن الخلاف مع الجماعات الإسلامية، بما فيها الإخوان، لا يبرر الخلط بينها وبين القوى السياسية والعسكرية الوطنية المعتدلة تحت أي شعار كان. السوريون يحتاجون إلى من يدعم مطالبهم العادلة، وهم ليسوا طرفا في ظهور جماعات متشددة متوحشة، وسبق وجودها في تونس والخليج وشرق أفريقيا وباكستان ولادتها في سوريا. هذه الجماعات المتطرفة تعتبر محاربة المجتمع المتمدن أولويتها، ولا يهمها حرية الناس أو رغباتهم السياسية، وداعش في سوريا، مثلا، أكثر تسلطا من نظام الأسد الذي يعد من أكثر الأنظمة في المنطقة وحشية. نقلاً عن "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو قصي ومزاعم الجهاد أبو قصي ومزاعم الجهاد



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon