توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غياب الروس عن سوريا

  مصر اليوم -

غياب الروس عن سوريا

عبد الرحمن الراشد

أولى بوادر انشغال روسيا، أن طالت غيبة سيرغي لافروف عن منطقتنا، الشرق الأوسط، لأن وزير خارجية روسيا مشغول عن إشعال النيران في سوريا بإطفائها على حدود بلاده. فأوكرانيا أهم معركة لموسكو منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. وستكلفها الكثير من الوقت والجهد والمال، أكثر بكثير مما وهبته لنظام الأسد، فسوريا معركة صغيرة، على دولة كبيرة، في أرض بعيدة! وإلى اليوم، لم نفهم السبب الحقيقي لماذا لعب الروس هذا الدور السيئ، التخريبي، في ثلاث سنوات الحرب القذرة. فنظام الأسد لم يكن حليفا حقيقيا لهم، ولم تكن سوريا دولة ذات قيمة استراتيجية عالية للروس، حتى ميناؤها البحري طرطوس، كان مجرد مرفأ لبوارجها وجدت له بديلا في اليونان. ولم يكن خصوم النظام السوري خصومها، أيضا. المفارقة أن روسيا تتطلع اليوم إلى المنطقة تريد منها التأييد، أو على الأقل البقاء على الحياد، في معركتها مع الغرب الذي يريد فصل أوكرانيا عن مملكة الرئيس فلاديمير بوتين. ومن الكرملين، فاجأنا بوتين بقوله إنه يأمل ألا تدفع دول الخليج أسعار النفط إلى الهبوط، ومع أن الخليج بالتأكيد لا يرغب في التدخل في سوق البترول، ولا خفض الأسعار، إلا أن معظم شعوب المنطقة باتت اليوم تنظر إلى روسيا بكراهية لم تشعر بمثلها من قبل. فهي مسؤولة مسؤولية مباشرة عن المذبحة البشرية في سوريا، تاريخ لن ينسى بسهولة في الذاكرة الشعبية. الحكومة الروسية دعمت نظام الأسد عسكريا واقتصاديا، وغطت على جرائمه باستخدام الفيتو في مجلس الأمن. ماكينة الدعاية الروسية تردد مزاعمها، مبررة موقفها بأنه ضد الجماعات الإسلامية الإرهابية التي تقاتل في سوريا، إلا أنها تعرف الحقيقة كاملة على الأرض، النظام زرع واخترق هذه الجماعات لترويع الشعب السوري، وتخويف الغرب. وفوق هذا، سبق أن عرض على روسيا التعاون معها في مواجهة تنظيمات «القاعدة»، وتحديدا ضد المقاتلين الذين جاءوا من دول المحيط الروسي وغيرها، لتأكيد أن ليس لـ«الجيش الحر» علاقة بهذه الجماعات. على أي حال، سوريا، بالنسبة للروس، أصبحت لعبة هامشية، لهذا لم نعد نرى وجه الوزير لافروف، بعد أن فقدت أوكرانيا لصالح الغرب، وهم يصارعون دولا كبرى في معركة معقدة قد تدوم سنوات، عسكريا واستخباراتيا ودبلوماسيا واقتصاديا وإعلاميا. ومن ثم، السؤال: هل يفيد الغياب الروسي القضية السورية؟ ربما. لكن، ليس الآن. فالجانب الإيراني، وهو الذي يتحمل العبء الحقيقي في الحرب السورية، وليس نظام الأسد، مستعد للاستمرار، لكنه سيتعب فيما بعد بغياب الدعم الروسي. وما اضطرار حكومة الرئيس روحاني إلى رفع أسعار البنزين لأول مرة منذ عقود، إلا علامة أكيدة على أن إيران تعاني بسبب هذا العبء، ولم ينفعها كثيرا تخفيف المقاطعة الأميركية ثمنا لانخراط إيران في المفاوضات النووية. النزيف الإيراني معظمه بسبب تورطها في حرب باهظة الثمن في سوريا، وسنرى آثاره على الاقتصاد الإيراني، والأرجح أن خفض المعونة على المشتقات البترولية سيزيد من حدة الغليان داخل البلاد، التي تعيش منذ أيام الثورة الخضراء حالة احتقان تزداد مع الوقت. ولم تعد تنفع الدعاية الرسمية في الداخل التي حاولت بث روح الحماس في قلوب المواطنين الإيرانيين، متذرعة بأن التزامهم بحماية نظام الأسد واجب ديني، وضرورة قومية عليا، ووقف للمؤامرة الكبرى عليها، رغم هذا فإن انتقاد التورط بات صوتا عاليا. بخروج الروس من المعسكر، سيزداد الحمل على إيران، ومن ثم على أكتاف نظام الأسد. ورصاصته الأخيرة هي تخريب معسكر المعارضة، حتى لا توجد لنظامه بدائل، وهذه لعمري لعبته التي احترفها في لبنان، ونجح في السيطرة بها على اللبنانيين طويلا، وقد ينجح بها في سوريا. نقلا عن الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غياب الروس عن سوريا غياب الروس عن سوريا



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon