توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معارك إردوغان الخارجية

  مصر اليوم -

معارك إردوغان الخارجية

بقلم: عبد الرحمن الراشد

قليل يعلم أن لتركيا قاعدة عسكرية في مقديشو، البعيدة جداً عن حدودها، وأن أكبر سفاراتها أيضاً في العاصمة الصومالية. والشيء الوحيد الذي يجمع بين ليبيا والصومال، أن البلدين ممزقان بالحروب. وإلى أشهر قريبة، كان لتركيا موطئ قدم في سواكن، الجزيرة السودانية التي خطط لها أن تكون قاعدة عسكرية تركية، لولا انهيار حكم عمر البشير، وإلغاء القيادة الجديدة في الخرطوم كل الاتفاقيات العسكرية مع أنقرة.
هذه الدوائر الحمراء التركية المنتشرة على خريطة المنطقة هل تمثل سياسة مرسومة، ومشروعاً توسعياً، أم مجرد ردود فعل من شخص مليء بحب نفسه؟
في السنوات الأولى للحرب في سوريا، كان إردوغان متردداً في عبور الحدود عسكرياً. اليوم قواته هناك، لكنها خسرت معظم معاركها الرئيسية أمام الروس وقوات نظام الأسد، وكذلك ضد الأميركيين، وتقلصت المساحات التي رسمتها حكومة تركيا كفواصل حدودية داخل سوريا.
لهذا كان الرئيس إردوغان حريصاً على أن يزف أخبار انتصارات قواته في ليبيا للشعب التركي المكتئب من تدهور أوضاعه المعيشية. ضخ سيلاً من الأخبار يبشرهم بالمكاسب، أبرزها توقيع اتفاقيات نفطية مع ليبيا، وعزمه على التنقيب في المناطق التي رسمها كحدود بحرية في مياه المتوسط، رغماً عن اعتراضات اليونان، وتسرع بالحديث عن اكتشافات نفطية.
وقد لا تعدو كل هذه الأخبار السعيدة سوى محاولة رفع الروح المعنوية للشعب التركي الذي تتالت عليه صدمات اقتصادية في سنتين بلا توقف ولأسباب سياسية.
ولا يمكن التهوين من أضرار المغامرات العسكرية التركية في المنطقة، الممولة غالباً من قطر الصغيرة التي تبحث عن قوة إقليمية تتسلق عليها.
والرئيس التركي يسير على خطى الإيرانيين في توسعهم في المنطقة، الذين انطلقوا سريعاً بعد توقيعهم الاتفاق النووي، وانتشروا في سوريا والعراق واليمن. ووفق النموذج الإيراني، صارت تركيا تستخدم الميليشيات الأجنبية في حربها في ليبيا، وهناك أنباء عن تدخلها في اليمن، أيضاً، وسبق ذلك أن استخدمت الميليشيات السورية في ضرب الأكراد السوريين «قسد».
هذه المغامرات والقواعد العسكرية لا توضح لنا ما هي سياسة إردوغان، إن كانت هناك واحدة. لماذا؟ وما هي النتيجة المتوقعة منها؟
في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استضافت ماليزيا قمة إسلامية اقتصرت على إردوغان ورئيسي إيران وإندونيسيا وأمير قطر، بدعوى تدارس شؤون الأمة الإسلامية. وقد حاول إردوغان أن يطرح نفسه زعيماً عليهم، وأن يجعل من القمة بديلاً لمنظمة التعاون الإسلامي في مكة. القمة فشلت وحاولت ماليزيا توضيح أن تصريحات الأتراك لا تعكس وجهة نظرهم، وتمت إقالة رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، الذي طُرد أيضاً من الحزب هذا الشهر.
ملامح مشروع إردوغان تقول ببناء قوة إقليمية كبرى موازية لإيران، وربما تحل محلها، على اعتبار أن الحصار الأميركي للإيرانيين بالفعل أضعفهم كثيراً. وتركيا، ذات الثمانين مليون نسمة، لها أدوار إقليمية في آسيا الوسطى، ولم تفلح كثيراً أمام روسيا وإيران. وهي، بخلاف السعودية وإيران ذاتي الاحتياطات النفطية الهائلة، تركيا بلد بلا موارد مالية كبيرة، لها اقتصاد كبير يعتمد على السياحة الروسية والأسواق الأوروبية وتحويلات الأتراك في الغرب. ويكاد يعيش إردوغان على الدعم القطري لإنقاذه من كل أزمة، مثل أزمة «كورونا» التي أوقفت الاقتصاد، وبدأ انهيار الليرة إلى أن رفدته الدوحة بـ15 مليار دولار.
حالياً هو متمدد في ثلاثة بحار؛ الأسود والمتوسط والأحمر. النتيجة المتوقعة من التمدد السياسي، والتورط العسكري التركي، ليس تمدد نفوذ حاكم أنقرة، بل إضعافه، لن يستطيع أن يلعب وحيداً في منطقة واسعة ومضطربة بدون حلفاء أقوياء، ولا تزال تنتظره امتحانات لم تحسم بعد، سواء في حرب سوريا، والصواريخ الروسية، وخلافه العسكري مع الأميركيين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معارك إردوغان الخارجية معارك إردوغان الخارجية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon