توقيت القاهرة المحلي 19:35:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه

  مصر اليوم -

الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه

عبد الرحمن الراشد


منذ عام 1980 والإيرانيون في كل سنة يحتفلون بذكرى ثورة الخميني، لكن مع مرور كل سنة يزداد عدد الكافرين بالثورة والمؤمنين بأنها كانت أعظم نكسة تاريخية في حياة إيران. عاما بعد عام، والمزيد من السياسيين والمثقفين، الذين كانوا جزءا من الثورة، أو ساندوها، يعيدون تقييم التجربة ضمن عودة الوعي التي تصاحب عادة الثورات أو التغييرات الفاشلة.
وفي هذه الأيام، حيث تحتفل الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمرور 36 عاما على إسقاط الشاه، انضمت شخصية إيرانية إلى مجموعة المتراجعين، وهو محسن سازكارا، أحد الذين شاركوا في تأسيس الحرس الثوري، الذي كان، ولا يزال، نخبة القوة العسكرية للثورة، والأكثر سلطة واطلاعا. يتحدث بحسرة، بأنه لو عاد به الزمن لما شارك في الثورة، وأن إسقاط نظام الشاه كان خطأ نتيجته مكلفة للشعب الإيراني. ومعظم المتراجعين، مثله، متقاعدون، ليسوا طلاب مناصب، ولا طرفا في النزاع السياسي، بل بحكم العمر يتأملون المشهد ويقيمونه من تجربتهم، ومن المحصلة التي آلت إلى ما آلت إليه إيران اليوم.

ولا شك بأن أي مؤرخ منصف سيجد في حكم الشاه كثيرا من الخلل والإخفاقات، لكنه أيضا جعل من إيران، حتى سقوطه في السبعينات، أكثر دول منطقة الشرق الأوسط تطورا ونجاحا، مقارنة بالخليج ومصر وتركيا وباكستان. جعل بلاده قوة صناعية وعسكرية، ومركزا علميا متفوقا، وكانت دول المنطقة تنظر إلى طهران على أنها النموذج الحضاري. لكن معظم هذا التاريخ قام المتحمسون من الثوار، من اليسار ومتطرفي الإسلاميين، بمسحه، وإعادة كتابته كما فعل ماو تسي تونغ في الصين، والبلاشفة في روسيا.

وفي مواجهة الحنين المتزايد إلى زمن الشاه يحاول محامو الثورة والمؤمنون بها، ليس تزوير الماضي القريب، لأن ذلك لم يعد يجدي نفعا بسبب تفعيل الذاكرة الحية، ولا يزال ملايين من مواطني العهد الشاهنشاهي أحياء، بل صاروا يلتمسون العذر لإخفاقات 36 سنة ماضية في مجالات التنمية والمعيشة والحريات وغيرها. بقايا الثوار يعلقون فشلهم على الغرب و«المنافقين»؛ أي المعارضة، وهذه الأعذار المستهلكة لم تعد مقنعة للشعب، خصوصا أن النظام يبشر ويطمئن جمهوره أنه يفاوض الغرب وهو على وشك التصالح مع خصومه! 

الحرية والديمقراطية وتحسين المعيشة والتخلص من التبعية الغربية، كانت شعارات المتظاهرين الداعين لإسقاط الشاه في شوارع طهران وميادينها. اليوم، وبعد 3 عقود ونصف، لم يتحقق منها شيء، بل ساءت أوضاع الإيرانيين عما كانت عليه في زمن الشاه؛ نقص هامش الحرية السياسي، وطغت القيود الاجتماعية، واختصرت الانتخابات البرلمانية والرئاسية فقط على الإسلاميين، وسجن الخصوم، ولم تعد هناك أحزاب سوى المنتمية للنظام، بأسوأ مما كان الوضع عليه أيام الشاه. تراجعت مستويات المعيشة، وعم البؤس، وتحولت طهران وبقية المدن الكبرى إلى ما يشبه الأطلال، مجرد بقايا مما بناه الشاه. وبعد مسيرته الثورية الطويلة انقلب نظام ولاية الفقيه السياسي على كل شعاراته، ها هو يستجدي العلاقة مع الولايات المتحدة، يريد من وزارة الخزانة السماح له باستخدام الدولار في صرف وتحويلات الريال، ومن الكونغرس السماح له باستخدام التقنية لاستكشاف البترول وإنتاجه!
عمليا، لم تعد في إيران ثورة، مجرد نظام سياسي أمني قمعي آخر، أشد قسوة مما كان عليه نظام الشاه. والأمل الوحيد الذي بقي للحكومة والإيرانيين هو تحقيق المصالحة مع الغرب والانفتاح على العالم، كما سبقتهم إلى ذلك فيتنام وكوبا والصين وروسيا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon