توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«داعش» ليست بالخبر السيئ!

  مصر اليوم -

«داعش» ليست بالخبر السيئ

عبد الرحمن الراشد

الخبر السيئ ظهور «داعش»، والخبر الجيد أيضا ظهور «داعش». فكروا في المحنة الحالية من زاوية مختلفة، ربما ظهور جماعة «داعش» ليس بالتطور السيئ، كما نتصوره إذا وضعناه في المفهوم الأشمل لواقع المنطقة والعالم الإسلامي الأوسع. جاء التنظيم الجديد، الأكثر تطرفا ووحشية من «القاعدة»، لينقذ المسلمين قبل نهاية اللعبة. فهو يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وينهي حالتين خطيرتين في الفكر المعاصر بمنطقتنا، اللامبالاة والانتهازية السياسية.
بظهور الاكتساح المثير لمقاتلي «داعش» في سوريا والعراق واليمن واستهداف حدود تركيا والأردن والسعودية، دقت أجراس الخطر في أنحاء العالم، لأول مرة منذ نهاية مرحلة أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). استيقظت القوى الحكومية والمدنية المختلفة من سباتها على أنباء الانتصارات المتتالية لتنظيمات مثل «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» و«القاعدة في جزيرة العرب». وعمت حالة الاستنفار كل مكان، لأن الجميع شاهد أنه لم يعد هناك أمر مستحيل أمام هذا الإعصار الكاسح، شاهدوا كيف تسقط مدينة الموصل الكبيرة في غضون ساعات، وكيف يهز الناس من على المنبر رجل مجهول أعلن تتويج نفسه خليفة على مليار مسلم، متحديا كل الأنظمة في المنطقة!
شكرا «داعش»، شكرا «جبهة النصرة»، شكرا يا «قاعدة»، التنظيم العجوز. لقد أيقظتم البيروقراطيين النائمين، وفضحتم الخلايا المتطرفة المتربصة المختبئة، وحسمتم الصراع بين فسطاطين من المسلمين، المتطرفين وغير المتطرفين. وصار أكثر المتضررين من انتصارات أبو بكر البغدادي الخليفة المزعوم، والجولاني الخليفة المنافس المزعوم، أولئك الذين يسعون للتغيير والاستيلاء على المجتمع من خلال العمل تحت الأرض. «داعش» فضحت الدواعش، الذين يسيرون بيننا متأنقين لغويا، يتحدثون عن الحريات والديمقراطية، وهم في أصل خطابهم لا يقلون فاشية وتكفيرا وتطرفا دينيا!
إن نجاح «داعش» السريع، هو مثل انتصار الإخوان المسلمين بمصر في الانتخابات، واستعجال زعيمهم حكم العالم مثل تعجل الرئيس الإخواني محمد مرسي الهيمنة على كل الدولة وإقصاء الجميع. وكما دفعت أفعال «الإخوان» السيئة ملايين المصريين للمطالبة بعزلهم، ملايين المسلمين اليوم يطلبون النجدة من «داعش» وأخواتها.
تغيرت مواقف المثقفين العرب والمسلمين الآخرين، الذين كانوا مستعدين للتعايش مع المتطرفين، ممن جرفهم مد الرأي العام المزور الذي يتم تصنيعه عبر مجاميع احتسابية إعلامية واجتماعية. الغالبية اليوم تدرك حجم الخطر، وفي خوف من غول «داعش» الذي انتشرت فيديوهات نشاطاته الترفيهية، من الذبح والسبي والتدمير.
«داعش» أخافت الانتهازيين، من السياسيين والحكوميين. وجدوا أن هذا الغول أكبر من أن يركبوه، وإن حاولوا فسيقضي عليهم. وجدوا أن الرأي العام أيضا ينقلب ضد متطرفي الدين، ولم يعد أمامهم من خيار سوى الاصطفاف ضد هذه الحركات التدميرية. انتهازية السياسيين، الذين ينافقون تيار المتطرفين إرضاء لجمهوره، أو طمعا في تأييده، هي من أسباب شيوع الفكر ومنحه الشرعية، ومن ثم تمدده وتغوله، في وقت تحتاج الدول إلى التطور المدني، على المستويين المجتمعي والمؤسسي.
الخلاصة أن «داعش» نمت، لأن الكثير من حكومات العالم نامت، بعد أن قلصت نشاطاتها، معتقدة أنها كسبت الحرب على الإرهاب، حتى أيقظت كوابيس انتصارات المتطرفين الحكومات والقوى المدنية المختلفة. لولا «داعش» ربما كنا سنموت مثل الضفادع، التي تطبخ حية في قدر على نار هادئة، لا تحس بحرارتها إلا بعد أن تكون على وشك الهلاك. مواجهة «داعش» ليست بمحاربتها في الأنبار العراقية، أو دير الزور السورية، أو الجوف اليمنية، بل أولا في الداخل، سواء في الدول الإسلامية، أو في الدول التي وصلها الفكر المتطرف إلى الأقليات المسلمة من الصين إلى أوروبا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» ليست بالخبر السيئ «داعش» ليست بالخبر السيئ



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon