توقيت القاهرة المحلي 19:58:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفاوضات فاشلة وحضورها مهم

  مصر اليوم -

مفاوضات فاشلة وحضورها مهم

عبد الرحمن الراشد

تبدو المعارضة السورية أكثر صلابة في وفدها، رغم ما أصابها على الأرض من خسائر بسبب القصف الروسي، وآخرها خسارة بلدة الشيخ مسكين. سبعة عشر معارضًا وصلوا إلى جنيف يرأسهم رياض حجاب، الذي يحظى باحترام معظم القوى والفصائل السورية المعارضة. وحجاب عينه الرئيس بشار الأسد رئيسًا للوزراء في مرحلة الفوضى، يونيو (حزيران) عام 2012، لكنه انشق عليه بعد ثلاثة أشهر، عندما فر بمعاونة الجيش الحر المعارض إلى الأردن. واختار في السنوات الثلاث الماضية العمل السياسي مع قوى المعارضة دون التورط في خلافاتها، وهذا ما جعله اسمًا مقبولاً عند تسميته رئيسًا للوفد الذي انبثق عن مؤتمر الرياض لقوى وفصائل المعارضة.
بحضورها المفاوضات، بكامل الوفد الذي تمت تسميته، تكون المعارضة قد تجاوزت العتبة الأولى فقط من سلم طويل في جنيف تقدر الأمم المتحدة أنه سيستغرق ستة أشهر وفق برنامج تفاوضي معروفة موضوعاته الرئيسية، لكن تفاصيله ليست واضحة. التقديرات الأولية كانت تتنبأ بأن المعارضة لن تفلح في الاتفاق، وها هي اتفقت، وستختلف على قياداتها، وها هي اختارت حجاب، وتجاوزت الاشتراطات الأولية عليها رغم أنها غير معقولة، فسياسة الوفد هي عدم إعطاء فرصة للنظام السوري وحليفيه، الإيراني والروسي، للانفراد بالمجتمع الدولي الذي يمثله فريق الأمم المتحدة ومبعوثها دي ميستورا. ويعلم أعضاء المعارضة أن ستة أشهر كافية لامتحان النيات والمشاريع السياسية، وبإمكانهم في الأخير رفضه والاستمرار في محاصرة النظام.
الموضوعات الرئيسية، المستعجل منها، مثل مشروع وقف إطلاق النار، هل يمكن تحقيقه؟ سيكون سهلاً على المعارضة القبول به في حال حصلت على السماح لها بإدارة مناطقها التي تحت سيطرتها، وهي أيضا لن تكون مسؤولة عن نشاط مناطق التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«النصرة». فهل سيستطيع المفاوضون فرض نفس الشروط على نظام الأسد والإيرانيين والروس، بوقف العمليات العسكرية؟ هنا التحدي يقع على فريق الأمم المتحدة والدول الراعية.
ما فعلته المقاتلات الروسية أمس بقصف مخيمات اللاجئين شمال اللاذقية، ورأينا النيران تحرق الخيام، وتدفع آلاف السوريين نحو الحدود على أقدامهم هربًا من جديد يُبين طبيعة التحدي. يجب الاحتجاج على عمليات الروس والإيرانيين وحزب الله التي تستهدف السوريين، وتكون دائمًا لها الأولوية في جنيف، حتى لا يجد الروس والإيرانيون التفاوض فرصة لاستكمال التطهير الطائفي، والتقدم على الأرض.
وبين الهدنة، وفتح الممرات، وحصر مناطق النزاع، والاتفاق على تبادل الأسرى، وإيصال المساعدات، سيمر وقت قبل فتح الحديث عن مستقبل الحكم في سوريا، الذي هو سبب الحرب وغاية مؤتمر جنيف. والحقيقة لا يوجد هناك من هو متفائل من مفاوضات جنيف في حسم النزاع، فهو مؤتمر سياسي له غايات مختلفة غير معلنة. الإدارة الأميركية تريد أن تقضي هذا العام في نشاط دبلوماسي حتى لا تتهم باللامبالاة تجاه أخطر قضية نزاع تؤثر على السلم في العالم اليوم، والأوروبيون كل همهم كبح حركة اللاجئين المتجهة نحو حدودهم، أما الروس فهم يعتقدون أنهم قادرون على فرض حل سياسي يجبر المعارضة على الاستسلام لحكم الأسد، مع منحهم مقاعد هامشية في حكومة رمزية.
أما لماذا تشارك المعارضة طالما أنها عارفة بالأهداف المتواضعة للوسطاء والمفاوضات، أولاً لأنها لن تخسر بحضورها شيئًا، وثانيًا حتى لا ترمم بغيابها شرعية نظام الأسد دوليًا، وتحضر حتى تنازع النظام في كل القضايا وتتحداه. لقد عقد مؤتمر جنيف الماضي قبل عامين تقريبًا في نفس اليوم الذي يوافق المؤتمر الحالي، ووعد نظام الأسد أنه خلال عام سيقضي على المعارضة، لكنه رغم استنجاده بالإيرانيين ثم الروس لا يزال عاجزًا إلى اليوم. وهكذا فإن جنيف والأمم المتحدة لا تستطيعان أن تفرضا على الأغلبية السورية ما ترفضه، وستستمر الحرب التي تأكل من مقدرات الإيرانيين والروس، في وقت لن يتعافى النظام مهما حاول حلفاؤه دعمه، لأنه أصبح مشلولاً بعد أن فقد معظم قواته العسكرية والأمنية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاوضات فاشلة وحضورها مهم مفاوضات فاشلة وحضورها مهم



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon