توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مواجهة التطرف لا تترك للمترددين

  مصر اليوم -

مواجهة التطرف لا تترك للمترددين

عبد الرحمن الراشد

في ست مدن سعودية طاردت قوات الأمن خلايا إرهابية مرتبطة بجريمة الهجوم على حسينية في قرية بالأحساء التي توفي فيها سبعة مواطنين. في المطاردة سقط رجلا أمن، أحدهما سبق أن أصيب في مواجهات مع إرهابيي «القاعدة» في نفس المنطقة، القصيم، عام 2005!
كيف يعيد التاريخ نفسه؛ التطرف الفكري ينجب الإرهاب، والمدنيون العزل يسقطون من جديد قتلى، والبلاد تصبح في قلق من عودة الإرهاب، ومن نجا من رجال الأمن في الحرب الماضية يقدر لأحدهم أن يموت في الحرب اللاحقة.
الإرهابيون لا يولدون إرهابيين، إنهم ضحايا مدارس التطرف بمعناها الواسع، أي الثقافة المحلية، والعجز عن المواجهة، وخلل في الأنظمة، وضعف في القضاء. فعدد من القتلة كانوا موقوفين وأطلق سراحهم لأن هناك من تبرم من احتجاز المتهمين، رغم انخراطهم في مجتمع التطرف.
تزايد الفكر المتطرف، لأن الحبل ترك على الغارب، فكبرت دائرة المؤمنين به، حتى صار يخيل أننا نعيش وسط تنظيم داعش وقد عشش في كل مكان، واستلب فكر أقلية كبيرة، وأصاب الخوف الأغلبية، وصارت تخشى مواجهته، صارت تخاف على نفسها وأبنائها ومستقبلها، ومن الحي الذي تعيش فيه. إنها حالة تذكرني بمسلسل «ووكينغ ديد»، WALKING DEAD، عندما تجد القلة الناجية السجن خير مكان تحتمي فيه من الوحوش الآدمية. الوحوش الآدمية تزداد عددا وعملا ووحشية، وتبقى مواجهتها مسؤولية الدولة. ما مصير الشباب الذين يتركون عرضة للتطرف فكرا، وبأي منطق يعتقلون وما هم أنفسهم إلا ضحايا للثقافة المتاحة والمباحة؟
هل نعي حجم المشكلة، وأنها ليست مسألة أمنية فقط؛ إذ كل مرة تنبت خلايا إرهابية نطلق عليهم قوات الأمن تلاحقهم؟ هؤلاء خطر على المجتمع، والأجيال الناشئة، كلما لوحق جيل منحرف منهم، ولد جيل منحرف آخر أكبر من سابقه. هؤلاء خطر على المجتمع الدولي الذي بات يشتكي علانية منه، وأصبح لا يكتفي بمضايقة المواطن السعودي في مطارات العالم وجامعاته، بل يلمزنا متحدثا عن الخلل الذي يهدد العالم بسبب ثقافتنا، وفشل المواجهة الرسمية في كبحه والتخلص من هذا المرض الذي أرعب العالم منذ التسعينات. يجب أن ندرك أن علينا مسؤولية دولية، وسيستغلها خصومنا لمحاسبتنا، ولن يكتفي العالم بتحاشينا كما يفعل اليوم مع المجتمعات الموبوءة بإيبولا ومثلها. هؤلاء مصدر خطر داخلي وخارجي. وها هي دول معادية تجد في أبنائنا، تنظيماتهم وجرائمهم ومنشوراتهم وإعلامهم، وسيلة لتأليب المجتمع الدولي علينا، وعزلنا، وهدم كل ما بنيناه، رغم إرادتنا، ولن يفلح سجلنا في محاربة الإرهاب في الدفاع عنا. فهل هناك من يعي حجم الخطر، ويفعل شيئا لمنعه، وليس بالاتكال على رجال الأمن وحدهم في مطاردة الإرهابيين بعد أن يصبحوا مجرد قنابل تمشي على الأرض؟
لقد مر زمن طويل على المشكلة، وقد أدركنا حقيقتها منذ النصف الثاني من التسعينات في التفجيرات الأولى، ثم صدمتنا هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. وضربتنا مباشرة في عقر دارنا عام 2003 في الرياض، وخضنا حربا قاسية مع تنظيم القاعدة في أنحاء السعودية لنحو ست سنوات. وظننا أنه قد قضي على كل الخلايا، ليعود الفكر ينتج المزيد منها، وتطلق أولى رصاصاتهم في الأحساء في أول جريمة من نوعها. والحق أن موقف المفتي القوي، الصريح، هو الذي شجع الكثيرين للقول إنه يجب عدم السكوت عنهم، فحياة ملايين الناس في خطر. لا ينبغي أن نكون بين احتمالين؛ ضحية للخداع الفكري المتطرف أو ضحية للمتطرفين.
مسؤولية مواجهة التطرف يجب ألا تترك للمترددين، والخائفين، والمشككين، لأن هؤلاء فشلوا في سنوات الامتحان. لم يفعلوا شيئا تستحق بموجبه علامة النجاح طوال عقد منذ إعلان الحرب على التطرف. فالأموال لا تزال تجمع، والمنشورات توزع، والفكر المتشدد يخيم على الوسائل الإعلامية المختلفة، والمدارس والجامعات فيها من المتطرفين من العدد والصراحة، أساتذة وتلاميذ، ما لا يدع مجالا للشك حول خطر مسار الأجيال المقبلة! حتى طلابنا في الخارج لم يدعوهم في حالهم ينشأون في مناخ خارج تأثيرهم.
هذا الحديث القاسي عن المملكة، ليس خاصا بها، بل ينطبق على كل الدول المماثلة في الخليج، ومصر، وباكستان، وإندونيسيا، ومجتمعات المهاجرين في الغرب، وكل المجتمعات التي تفشى فيها فيروس إيبولا التطرف الديني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواجهة التطرف لا تترك للمترددين مواجهة التطرف لا تترك للمترددين



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon