توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل العبادي طائفي آخر؟

  مصر اليوم -

هل العبادي طائفي آخر

عبد الرحمن الراشد

 هذا ما يحاول أن يوحي به سيل كبير من الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي، التي نبشت من ماضي رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي فيديوهات وتصريحات وصورا، تقول إنها تعبر عن فكره وتوجهاته، وتدعو للوقوف ضده! وقد طالعت العديد منها، ولا أستطيع أن أجزم بشيء، ولو افترضنا أنها صحيحة، إلا بالقول إن الرجل يستحق أن يعطى فرصته، فهو خيار ممثلي الشعب العراقي وقد سانده برلمانيون وسياسيون سنة؛ عرب وأكراد.
الذي نعرفه من تجاربنا وتعاملاتنا مع «تويتر» و«فيسبوك»، وحتى المواقع الإلكترونية الشاردة، فقدان أخبارها للمصداقية، وكثرة التزوير المتعمد، وحتى الصحيح من معلوماتها يكون مبتسرا، أو مجتزأ، أو يبهر بمقدمات وحواش تفقد القارئ إطلاق أحكام موضوعية.
كلنا نأمل أن يكون رئيس الوزراء الجديد زعيما وطنيا لكل العراقيين، وأن يبني دولة مزدهرة، تضع العراق في مصاف الدول المتقدمة، وتعيد الأمل والثقة في النظام السياسي. والعبادي لا يعرف عنه موقف سياسي متطرف بذاته، إلا إذا حسبنا أوقات الاضطرابات، وكذلك فترات الجدل الانتخابي. وهو يخلف نوري المالكي، الذي - بكل أسف - قزّم نفسه ومنصبه إلى ما انتهى عليه. تحول من زعيم لكل العراقيين إلى مجرد لاهث وراء كل السلطات، حتى انتهى إلى نموذج أسوأ من الديكتاتور صدام حسين نفسه! والعلة ليست في المالكي، وإن كان حقا سيئا، بل في النظام السياسي الذي سمح له أن يستولي على كل الصلاحيات السياسية والتشريعية والعسكرية، بعد أن كان رئيس وزراء جاء بائتلاف مع أحزاب أخرى. وقد تعلم الذين كانوا يناصرون المالكي في البداية لأسباب طائفية أو حزبية أنه، وككل ديكتاتور، لن يشبع حتى يستولي على كل شيء. أخيرا، القيادات الشيعية تشتكي من ممارساته، واستخدامه للأجهزة الأمنية والاستخباراتية، لابتزازها وتهديدها، ثم تجرأ لاحقا على ملاحقة حلفائه، وزملائه في الحزب نفسه! أخيرا، كرهه الجميع وطالبوا بإسقاطه رغم أنه حصل بالاستغلال والتزوير على عدد يؤهله لإعادة انتخابه، من برلمانيين سنة وشيعة.
العبادي جاء بشرط واحد، ألا يكون مالكي آخر. هذا ما أجمعت عليه القوى المناطقية والعشائرية والحزبية والطائفية. وهذا ما نرجوه. جاء على أكتاف قوى كانت تحارب بعضها البعض في الماضي، والتقت أخيرا على فكرة الدولة العراقية لجميع العراقيين، ورؤساء يمثلون نظاما سياسيا للجميع. هذا لصالح الشيعة قبل السنة، ومن صالح العرب قبل الأكراد والتركمان. يستطيع رئيس الوزراء، لو أراد، أن يختصر وظيفته على خدمة أبناء طائفته، ويستطيع أن يختصر العراق على محافظاتهم، ويستطيع أن يعيد كتابة الدستور بما يخدم فقط فئة واحدة. حينها لن يبقى العراق الذي نعرفه. بل دولة أصغر، وأضعف، في بحر من الدول الإقليمية أكبر وأقوى. هناك الكثير من التفاؤل بوصول حيدر العبادي لرئاسة الوزراء، لأن خروج المالكي في حد ذاته انتصار للعملية السياسية والنظام العراقي الجديد. أنا واثق أنه لو استطاع المالكي فرض نفسه رئيسا للوزراء للمرة الثالثة، كما جاهد من أجل ذلك حتى آخر لحظة، فإنه كان سينتهي معلقا من رقبته مشنوقا في إحدى ساحات بغداد بعد أربع سنوات. ستكون نهايته نهاية الديكتاتوريين من قبله. لقد طغى بشكل مروع، وشاهد العالم كيف يستخدم قواته الخاصة وتكليف أولاده بإدارتها، وكل ما امتدت يده إليه، من أجل فرض نفسه، ووقف عملية انتخاب العبادي.
نحن نتمنى أن يستطيع العراقيون التوحد تحت إدارة العبادي، وأن يبدأ العراق مرحلة جديدة، يدشنها رئيس الوزراء الجديد بجملة خطوات تعيد الثقة للنظام والمنصب وكل مكونات البلاد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل العبادي طائفي آخر هل العبادي طائفي آخر



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon