توقيت القاهرة المحلي 10:41:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تغزو إيران العراق؟

  مصر اليوم -

هل تغزو إيران العراق

عبد الرحمن الراشد

العالم فوجئ بالأحداث الأخيرة، لأنه كان يظن أن القوات العراقية، التي تم تدريبها على أحدث الأسلحة وعلى أعلى المستويات، لا يمكن منازعتها على تأمين سلامة النظام. لكن عندما ذابت قوات المالكي كالملح، في مدينة الموصل في ظرف ساعات، لم يصدق كثيرون ضعف قيادتها، حتى تأكد ذلك بعد توالي سقوط المدن والقواعد العسكرية والمصالح الحكومية سريعا.
برهنت الأحداث، مرة أخرى، أن العلة في قيادة نوري المالكي. فهو رئيس وزراء جاهل ومتسلط، يجمع كل الصلاحيات في يده. رجل لا يفهم في الإدارة، وفي الوقت نفسه يحرم وزراءه من صلاحياتهم. ومن حماقاته اليوم أنه يهاجم خصومه ويستفزهم للتحرك جماعيا ضده، بما قد يؤدي إلى حرب أوسع وانهيار النظام برمته. هنا يبرز دور إيران كحامٍ للنظام. فهل هي حامية فعلا، أم أنها طامعة في ثاني أغنى دولة بالنفط في العالم؟ وعلينا ألا نصدق الطروحات الطائفية: أن إيران ستساند حكومة المالكي بحكم الرابطة الشيعية. فهي على خلاف حاد ومستمر لسنوات مع أذربيجان الشيعية، في وقت علاقتها فيه جيدة مع تركيا السنية.
لطالما كانت العلاقة بين العراق وإيران، بطبيعتها، تنافسية لقرون طويلة، بغض النظر عمن كان يحكم البلدين. ولفترة وجيزة اتفقا في الخمسينات، ضمن حلف بغداد الذي جمع العراق بإيران، مع باكستان وتركيا وبريطانيا لمواجهة المد الشيوعي. ثم اختلفا وأخضع الشاه العراق في نزاع على شط العرب، وانحدرت العلاقة أكثر مع تسلم الخميني للسلطة، وأكثر مع حماقة صدام حسين بمحاولته تغيير ميزان القوى. وحتى في عهد المالكي، الحالي، رغم علاقته المميزة بطهران، استولى النظام الإيراني على مراكز حدودية، ونهب الكثير من نفطه في الجنوب في الفترة الأولى. ولا تزال المدفعية الإيرانية تسمع في جبال كردستان العراق تقصفها بدعوى استهداف المعارضة الكردية الإيرانية.
في الظرف المستجد، من المؤكد أن تتدخل إيران لدعم النظام العراقي، لكن ما حجم التدخل وما نواياه الحقيقية؟ من المستبعد أن نرى دبابات إيرانية في شوارع بغداد، إلا في حالات الانهيار الكامل. أيضا، العراق، بخلاف سوريا، دولة حيوية للعالم الصناعي كمنتج للبترول، لن يكون سهلا تغيير معادلاتها إقليميا دون أن يجلب ذلك قوى كبرى للصراع.
الأكيد أن إيران هرعت لمساندة المالكي، منذ اليوم التالي لسقوط الموصل، تشارك في القيادة والقتال بميليشياتها. وهذا يوسع دائرة الأسئلة والتكهنات: هل تملك إيران القدرة الهائلة على الاستمرار؟.. وهل ستتحمل النزيف الدموي والمالي لمغامراتها في سوريا والعراق معا؟! نحن نعتقد أن هذا مرهون بالصراع العراقي - العراقي أولا، حجما وزمنا. وثانيا، يعتمد على نوايا القيادة الإيرانية، إن كانت ترى في الفوضى عبر الحدود فرصة للسيطرة، خاصة أن قيادة الحرس الثوري لها شهية كبيرة للتوسع. وهذا، في نظري، سيثير العراقيين على اختلاف طوائفهم، وسيعيد الصراع بين الجارتين إلى مساراته التاريخية القديمة.
علينا أن نتذكر أن مستقبل العراق بقي معلقا منذ اثنين وعشرين عاما، بعد هزيمة العراق في الكويت، وتهشيم قوته الهائلة. ثم عاد معلقا بخروج القوات الأميركية منه، ورهنها الحكم لجماعة واحدة في ظرف سياسي مضطرب، كان سيجلب الفوضى حتما، كما نرى اليوم، ولا يزال الوضع مختل التوازن وغير قابل للاستمرار، لكننا لا نعرف في أي اتجاه ستمضي الأحداث. نحن الآن نشهد فصلا مؤقتا آخر. فإن دخلت إيران، دعما أو احتلالا، سيكون هناك خلل كبير في الأمن الإقليمي وسيثير الصراع متعدد الأقطاب، الخليجي العربي، والإسرائيلي، والتركي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تغزو إيران العراق هل تغزو إيران العراق



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon