توقيت القاهرة المحلي 12:50:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إذا طاح الليل...

  مصر اليوم -

إذا طاح الليل

بقلم : إنعام كجه جي

 

قلْ لي كيفَ تعيش أقلْ لك من أنت. تخطرُ العبارةُ على البال حين ترى الآلافَ من علب الشوكولاته مصفوفةً على الرفوف في متاجر باريس، استعداداً لأعياد الميلاد قبل شهر من موعدها. وهي ملونة حسب المذاق: بالحليب الدسم لأصحاب الشراهة، أو سوداء لذوي الحمية الغذائية ومرضى السكريّ. سادة أو بالفستق والزبيب. مستوردة مادتها الخام من ساحل العاج أو غانا أو إندونيسيا. تنفق فرنسا نحو 4 مليارات يورو على استيراد 400 ألف طن منها في العام الواحد.

في هذه البلاد نادٍ لعشاق الشوكولاته، يجتمع أعضاؤه مرتين في الشهر لكي يتذوقوا أحدث المنتجات من هذه المادة التي تأتي من وراء البحار. ويستهلك الفرنسي ما معدله 8 كيلوغرامات منها في العام. فإذا كان ممن يستهلكون أكثر من ذلك، أي ما زاد على كيلوغرام واحد في اليوم، فإنه يستحق لقب «شوكولوتومان». وهي مفردة موجودة في المعجم لوصف الشخص المدمن على هذه الحلوى.

هناك في فرنسا من يبحث في القمامة عن كسرة خبز جافة، وهناك من يفطر على الكرواسون المدهون بالزبدة والعسل، ويتغدّى كبدة البط، ويتعشى شرائح سمك السالمون والكاڤيار، ويحلّي بعد العشاء بكعكة الشوكولاته. وفي بلاد العالم كلها ترى الفقير والغني. لكنك لا تتصوّر أن ترى في بلد حقوق الإنسان طالبات جامعيات يمارسن الدعارة لحين الفوز بالشهادة والحصول على عمل. وفي كل بلاد العالم هناك أسواق للثياب المستعملة لكنك لا تصدّق عينيك حين ترى في باريس العشرات منها، حتى في الأحياء الراقية. وقد تزايدت مواقع بيع وشراء تلك الثياب على الشبكة حتى حصل بعضها على شهرة تفوق شهرة المتاجر الفخمة.

غلاء معيشة في العالم كله؟ نعم. وقد يكون وارداً في الدول الفقيرة لكنك تعجب حين تسمع في الأخبار أن نسبة كبيرة من الفرنسيين يقضون الشتاء متدثرين بالبطانيات في بيوتهم بسبب ارتفاع ثمن الغاز والكهرباء. وبلغة الأرقام فإن 74 في المائة يقللون من استخدام وسائل التدفئة لأن الفاتورة باهظة.

تزداد لغة الأرقام قتامة حين تعرف أن 737 مشرداً مات في فرنسا خلال العام الماضي، أي في الحدائق العامة أو على الأرصفة، بسبب البرد. يتناول غالبيتهم كحولاً رخيصاً لكيلا يتجمدوا في العراء. هناك أماكن إيواء تفتحها الدولة في الشتاء لكنها لا تستوعب سوى نسبة قليلة من مئات آلاف المشردين الذين لا يجدون سقفاً. وقد لا يكون الحال أفضل في دول أوروبية مجاورة، أو حتى في الولايات المتحدة واليابان. وها هو ولي عهد بريطانيا الأمير وليام يقرر أن يجعل من توفير المأوى هدفاً رئيسياً له.

أتذكّر أغنية شجيّة ذات لحن حزين، من المألوف الجزائري، تقول كلماتها: «وين نباتو إذا طاح الليل... وين نباتو يا للّي أمان».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إذا طاح الليل إذا طاح الليل



GMT 04:17 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 04:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 04:09 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 04:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 04:05 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 03:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 03:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

GMT 03:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

«وين صرنا؟»..«وين دُرة؟»!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon