توقيت القاهرة المحلي 19:07:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من رأى الوروار؟

  مصر اليوم -

من رأى الوروار

بقلم : إنعام كجه جي

خلال سنوات عمله الطويلة كجرّاح تجميل، أجرى الدكتور فلان مئات العمليات التي حاول أن يرضي فيها زبائنه، وبالأخص زبوناته، دون أن ينساق إلى طلبات متطرفة تخالف القسم الطبي الذي أدّاه عند تخرجه، أو تتعارض مع نظرته الواقعية للجمال. وبحكم وجوده في بلد محتل مضطرب سياسياً، كثير النزاعات والمواجهات، فقد أتيح للدكتور فلان أن يكتسب خبرة في معالجة الأجساد المعطوبة ومختلف أنواع التشوهات. ممارسة يومية على الساخن، قد لا تتوفّر لزملاء في التخصص ذاته يقيمون في بلاد مستريحة.

حين تقرأ اللافتة المرفوعة فوق عيادته، تجد أنه كتب تحت اسمه: «جرّاح ترميم وتقويم». لعلّه يجد في هذا التوصيف ما يتجاوز فعل التجميل ويرفع من خطورة مهمته. لن يكون طبيباً لمتبطرين، فحسب، لا يشكون من علّة حقيقية، بل منقذ لحياة تعرضت لكسور ورصاص وحرائق.

واجه الجراح الكثير من الحالات الصعبة. نجح في تحقيق نتائج باهرة. يخرج من عملية ويدخل أخرى. صار اسمه مرجعاً في ميدانه. لكنه لم يتصوّر في أي وقت من الأوقات أنه سيخضع لذلك الاختبار الغريب. تجربة تشبه ما كان قد شاهده في فيلم أجنبي قبل سنوات. غير أن واقعه اليومي ليس سينما.

جاءه استدعاء من جهة أمنية عليا. لم يقلقه الأمر فقد اعتاد أن تقصده عائلات الحاكمين والمتنفذين. سواء لتجميل أنف ابنة رئيس أو شدّ وجه زوجة وزير. لكن الطلب هذه المرة تركه ساهراً ليلتين، يفكّر ويقلّب الأمر على وجوهه ويحسب النتائج. المطلوب منه أن يشتغل على ملامح الزعيم بحيث يجعل منه صورة أخرى، شخصاً لا تتعرف عليه أعين العدو الراصدة.

لا أحد يعرف أين هو الزعيم. وهو لم يلتق به. شاهده على الشاشة وفي الصور التي تنشرها الصحف. رجل دوّخ خصومه بحيث أصبح المطلوب رقم واحد في المنطقة. كان ماهراً في التنكر والتنقل. لذلك أطلق أنصاره عليه لقب طير الوروار. يلمحه الصياد على تلك الشجرة ويصوّب نحوه البندقية لكنه يطير إلى غصن أبعد قبل انطلاق الرصاصة.

تردد الطبيب وطلب مهلة فقالوا له إن المهمة مستعجلة. كانت أمراً وليست رجاء. أبلغوه أنه سيقوم بعمل وطني كبير يخدم قضية شعبه. والشرط الأساس هو الكتمان. لا كلام مع الزوجة في المخدع ولا هذيان في الأحلام. لن يعرف بالأمر سوى شخصين وهو ثالثهما. أي تسريب بعد العملية يعني نهايته.

صباح العملية، التقى الطبيب بالزعيم في وكر مجهّز مسبقاً. تم التعارف تحت الأرض. درس الجرّاح الملامح الصارمة وحدد النقاط التي سيتولى تحويرها. الفك. الحاجبان. عظمة الخدين. الأنف وخط الشعر. وبعد أسبوعين كان الزعيم لا يشبه نفسه. وهو قد يموت ذات يوم تحت القصف أو ميتة ربّه. لكن العدو لن يبتهج بانتصاره ويعلن أنه تخلّص من الوروار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من رأى الوروار من رأى الوروار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
  مصر اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 19:42 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

قلق في "أرامكو" بسبب هجمات الخليج وارتفاع سعر النفط

GMT 02:08 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مي عمر تكشف عن حقيقة علمها بمقلب "رامز في الشلال"

GMT 07:15 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

كشف غموض وفاة 22 عالمًا بعد فتح مقبرة توت عنخ آمون

GMT 10:06 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

رسالة حسن الرداد إلى محمد رمضان بعد أغنية "نمبر وان"

GMT 22:21 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

روبرتو فيرمينو يُجدد شكره لزميله "محمد صلاح"

GMT 06:52 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

"مشاهير حول العالم راحوا ضحية "الالتهاب الرئوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon