توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زمن الشهامة

  مصر اليوم -

زمن الشهامة

بقلم : إنعام كجه جي

 

من الصفات التي تُطلق على الرجل اللاتيني أنَّه عاشق مثالي. «لاتين لافر». رومانسي يدلل حبيبتَه ويُسمعها أعذبَ الغزل. والمقصود رجال إيطاليا بالدرجة الأولى. وأكثر من جسّد العاشق اللاتيني على الشاشة كان الممثل مارشيلو ماستروياني. وتحتفل الأوساط السينمائية هذه الأيام بمئوية ولادته.

كانت هناك صفة أخرى في فرنسا يسمونها «الغالانتري». والترجمة الأقرب لها هي الكياسة. الرجل «الغالان» هو الشهم الشجاع المهذب الظريف مع الجنس اللطيف. وكم يبدو مصطلح الجنس اللطيف بائداً تخطاه الزمن! ويبدو أن الشهامة نفسها تخطاها الزمن. وها هي أستاذة أميركية من نيوجيرسي تنشر كتاباً تسخر فيه من أسطورة اللطافة لدى الفرنسيين. عنوانه: «هل ما زال هناك رجل غالان؟».

بمناسبة ترجمة الكتاب إلى الفرنسية، تحدثت البروفيسورة جنيفر تاماس إلى صحيفة «لوموند» لتلقي الضوء على نشوء ذلك المصطلح. كانت فرنسا خارجة من حروب الطوائف في القرن السابع عشر. وسادت رغبة في تهدئة الخواطر بعد عقود من الاقتتال. إنها الفترة التي مُنع فيها تمثيل مشاهد الموت والاغتصاب على المسرح. كانت هناك حاجة للسلام ونبذ العنف، مهدت لشيوع قيم الكياسة والنعومة والتهذيب.

لم تقتصر الشهامة على تعاطي الرجال مع النساء. كانت مستحبة حتى بين أبناء الجنس الخشن في الأوساط الأرستقراطية الباريسية. ينشأ خلاف بين رجلين فيجنحان للحوار بدل أن يرمي أحدهما قفازه بوجه الآخر داعياً إياه للمبارزة في الغابة. وفي حين كانت النساء مستبعدات من الحلقات الرجالية، فإن الكياسة الجديدة شجعتهن على الاقتراب من الفضاء الاجتماعي المختلط والمشاركة بآرائهن في قضايا العلاقات العاطفية.

كانت الفرنسية تتجنَّب سماع حديث الحب أو التكلم فيه لئلا تفقد سمعتها. ثم تطورت الأمور وصارت كلمتها شرعية وغير مستهجنة، يستقبلها الرجل بتهذيب ويتعامل معها بأناقة. دخلت الفضاء الأدبي وصارت كاتبة تتجرأ على مناقشة مفهوم الزواج، مثلاً. تجاهر بأنها تريد أن تكون مُحبّة ومحبوبة، وليست مرغوبة فحسب. من هناك بدأت مسيرة التحرر والانعتاق. ولم يستسلم الفرنسي بسهولة بل احتكر الكياسة لنفسه. تحولت «الغالانتري» إلى صفة للفحولة. أي للرجل الذكر. أما المرأة التي تتمتع بصفات اللطف والظرف والكياسة فإنها «المحظيّة» في قاموس القرن التاسع عشر.

أين ذهبت الكياسة؟ تقول المؤلفة إنها باتت «دقّة قديمة». صفة لعواجيز يتشبثون بحركات من الماضي. يقف أحدهم للمرأة ويساعدها في خلع المعطف. يقدم لها الكرسي ولا يجلس قبل أن تجلس. يميل عليها ويغازلها بلطافة، أو بسماجة، حتى لو لم تكن حبيبته. وهذا الأخير يسمى تحرشاً بمفهوم اليوم. وهناك نساء شهيرات مثل الممثلة كاترين دينوف يدافعن عنه. إن تقرّب الرجل للمرأة هو أساس البشرية. لكن جنيفر تاماس تخالف دينوف. تقتضي الكياسة أن تشعر المرأة بالراحة لتصرف الرجل معها وليس بالنفور.

ماتت «الغالانتري» وبقيت قضايا التحرش تشغل المحاكم والرأي العام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمن الشهامة زمن الشهامة



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon