توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«برابرة»

  مصر اليوم -

«برابرة»

بقلم - إنعام كجه جي

 

هو يوم مشهود في القرية. ليس مثل رتابة باقي الأيام. استعد له الأهالي وكتبوا لافتات الترحيب ووقفوا مستعدين في انتظار الضيوف. كان المجلس البلدي قد اجتمع بدعوة من العمدة وبتشجيع من معلمة المدرسة وقرر بالإجماع الموافقة على استقبال عائلة أوكرانية من مهجّري الحرب.

بامبون قرية صغيرة في منطقة بروتاني غرب فرنسا. سكان قليلون ومدرسة. ودكان للبقالة ومطعم لفطائر الكريب التي تشتهر بها المقاطعة. عدا ذلك كآبة وغيوم ومطر. سيكون الأوكرانيون مناسبة للتغيير والشعور بالتضامن مع بؤساء الأرض. رمّمت البلدية بيتاً صغيراً للوافدين وتعاون الأهالي على تأثيثه. غير أن مفاجأة وقعت على رؤوسهم في اللحظة الأخيرة. العائلة التي ستقيم بينهم ليست من لاجئي أوكرانيا بل من سوريا. يا للهول!

تحركت العصبيات العنصرية وكل الحساسيات المتوارية تحت الجلد. راحت التكهنات والأقاويل تسري في الأرجاء. القلق يخيم على الجميع. في الدكان. في المدرسة. في مزرعة نبات الأرضي شوكي. في الكنيسة. بين الأزواج في المخادع. السوريون مسلمون. برابرة غير متحضرين. نساؤهم محجبات وأطفالهم قذرون. ليس بعيداً أن يكونوا إرهابيين.

هذه هي قصة الفيلم الذي بدأ عرضه في فرنسا قبل أيام. عنوانه «برابرة» والمخرجة هي جولي ديلبي. ورغم جدية الموضوع فهي قد أصابت حين تناولته بأسلوب كوميدي لا يخلو من لمحات إنسانية عميقة. والأهم أنها حافظت على نظرة موضوعية وسليمة.

يصل السوريون ويجدون السحنات منقبضة. يحاول العمدة تخفيف التوتر وتهرع المعلمة للترحيب بحرارة. لاجئون لا يختلفون كثيراً عن سكان القرية في التهذيب واللباس بل يفوقونهم ثقافة. الجدّ أديب يكتب الشعر والابن مهندس معماري وشقيقته طبيبة فقدت زوجها في الحرب وبترت ساقها. وزوجة الابن رسامة غرافيك، ابنتها مراهقة بكل نضارة الصبا والولد الصغير نابه التقط اللغة الفرنسية قبل الكبار.

لكن التعايش لم يكن سهلاً. تذهب المعلمة مع السوريين إلى الدكان. يتوقف المهندس أمام حاوية الجوز. يتذكر خيرات بلاده. تمتد يده إلى حبة منها فيصرخ به البقال ألا يمسّ البضاعة. تتطوع المعلمة لتسديد الثمن. يأخذ البقال ثلاثة يوروات مقابل جوزة.

يكشف مجيء السوريين طبائع البعض ويفجّر الخلافات التي كانت نائمة. تهجر صاحبة البقالة زوجها الخائن. يفصح السباك عن عنصريته. تغضب صاحبة المطعم لأن جدّ الأسرة لا يحبّ فطائرها. يفاجئ المخاض زوجة السباك وتتأخر سيارة الإسعاف فتقوم الطبيبة السورية بتوليدها. يحب طالب من أبناء القرية زميلته السورية فينصحه جدها أن يكتب لها شعراً. يكتب الولد مقطعاً ويترجمه على الحاسوب ويتعلم كيف يقرأه بالعربية أمام محبوبته.

تتعقد الأمور ثم تفرج. يعرض صاحب المزرعة على السوري أن يبيعه كوخاً مهجوراً مقابل يورو واحد. يتطوع الجد لتعليم صاحبة المطعم عجينة الفطائر. ينتهي الفيلم نهاية سعيدة وتختار زوجة السباك أن تسمي وليدتها «آلما». على اسم الدكتورة السورية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«برابرة» «برابرة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon