توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا... أحزابٌ في حقائب

  مصر اليوم -

ليبيا أحزابٌ في حقائب

بقلم:جمعة بوكليب

بعد نجاح الانقلاب العسكري في شهر سبتمبر (أيلول) 1969 في ليبيا، بقيادة العقيد معمر القذافي، كان من أول قرارات مجلس قيادة الثورة منع الأحزاب السياسية وحظرها، واعتبار «من تحزّب خان». السؤال: خانَ من؟ وضع على الرّف.

الذين لا يعرفون الوضع السياسي الليبي قبل ذلك التاريخ قد يذهب بهم الاعتقاد إلى أن الأحزاب السياسية آنذاك، وقبل ذلك الحظر سيئ الصيت، كانت جزءاً من المعمار السياسي الليبي، ومرحّباً بها، وموجودة، وتمارس نشاطاتها الحزبية. وفي الواقع، فإن النظام الملكي سبق النظام العسكري في عدائه للأحزاب، وقام بحظرها ومنع تواجدها ونشاطاتها بعد أول انتخابات نيابية بعيد الاستقلال. ذلك القرار بالحظر دفع بالأحزاب إلى الاختفاء من أرض الواقع، إما بحلّ نفسها، أو بالتوجه نحو العمل السرّي. هذا من جهة.

من جهة أخرى، ترى أستاذة علم السياسة، الأميركية ليزا أندرسون، أن هناك قاعدة عامة تحكم علاقة الأحزاب بالنظام القائم في أي بلد. فإذا كان النظام القائم ديمقراطياً كانت أحزاب المعارضة ديمقراطية، والعكس صحيح. والأحزاب التي ظهرت وعملت سرّياً في الداخل، أو علنياً في الخارج، تأسست على نسق النظام العسكري القائم آنذاك، وكأنها نسخة منه. حيث القائد الزعيم والمنقذ والمحرر الذي ينفرد بسلطة القرار، ومن حوله يلتف مريدون ومصفقون، ولا مكان لمعارض له بينهم، ومن يشاء معارضته عليه الانسحاب من الحزب، وممارسة المعارضة من خارجه!

العمل السرّي، والمنع من التواجد فوق الأرض، لم يكونا كافييْن لردع البعض من المخاطرة، وتأسيس أحزاب برايات مختلفة. ووجدت تلك الأحزاب فرصتها وممارسة نشاطاتها في الداخل سرّياً على حياء، والخارج علنياً وبجرأة؛ ذلك أن عديداً من النشطاء السياسيين اختاروا الإقامة في المنافي، في دول الجوار أو في أوروبا وأميركا. خلال سنوات الحكم العسكري، تمكن النظام من خلال أجهزته الأمنية من اختراق العديد من أحزاب المعارضة في الخارج، وزرع العديد من عناصره داخلها، وعلى أعلى المستويات. كما عمل على شراء البعض من القيادات بالأموال. ومن فشل في استقطابهم بالأموال سعى إلى تصفيتهم جسدياً.

بعد سقوط النظام العسكري في فبراير (شباط) 2011، شهدت ليبيا طفرة في ظهور الأحزاب. تلك الطفرة لم تكن حكراً على ليبيا، بل شهدتها دول عديدة، خاصة في دول أوروبا الشرقية عقب انهيار الاتحاد السوفياتي.

من سمات تلك الطفرة الحزبية طفو أعداد كبيرة من الأحزاب على السطح فجأة، أغلبها معلق في الهواء، أي بلا جذور أو أنصار أو رؤية ومنهج. مجرد يافطات تحمل أسماءً وشعارات فارغة بلا معنى، يقف وراءها أشخاص انتهازيون في الأغلب، يريدون الحصول على نصيب من كعكة تتناهبها الأيدي. وليبيا لم تكن استثناءً.

الفقاعة الصابونية الحزبية التي ظهرت بعد فبراير 2011 تلاشت في الهواء سريعاً، كما هو متوقع، ولم يبق في الساحة سوى حزب «الإخوان المسلمين»، كقوة حزبية منظمة وفاعلة، بكوادر حزبية مؤطرة، وبأهداف سياسية واضحة، وتمكنوا من التسلل إلى المؤسسات التشريعية والتنفيذية والإعلامية. من الممكن الإشارة إلى المجلس الأعلى للدولة كمثال.

السؤال عما حدث لبقية الأحزاب الأخرى المسجلة بوزارة العدل، وتجاوز عددها الخمسين حزباً، ليس في حاجة إلى عناء البحث عن إجابة. وباستثناءات قليلة - حزب السلام والازدهار على سبيل المثال، برئاسة محمد خالد الغويل - لم يعد لها وجود واختفت بأسرع مما ظهرت. ولا يبدو لها حضور واقعي إلا من خلال البيانات الباهتة التي يصدرها مؤسسوها، من حين لحين، في مختلف المناسبات، تذكيراً بأنهم ما زالوا أحياءً، وما زالوا يطمعون في حصة من الكعكة. لكنها على الواقع، مجرد أحزاب ورقية، بمقرات حقائبية، بداخلها أختام وأوراق تحمل شعارات براقة، يتنقل بها أصحابها من موقع إلى موقع، ولا شيء آخر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا أحزابٌ في حقائب ليبيا أحزابٌ في حقائب



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon