توقيت القاهرة المحلي 04:57:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة لبنان إلى العرب قبل عودتهم إليه

  مصر اليوم -

عودة لبنان إلى العرب قبل عودتهم إليه

بقلم:سام منسى

انتهى الاستحقاق الأميركي الذي انتظره العالم بسلاسة، في تأكيد جديد على أن الديمقراطية بخير رغم الشوائب والأمراض التي تنخر جسدها. المهم أن يحكم دونالد ترمب بوسط اليمين دون استفزاز، وبخاصة أنه بات ممسكاً بالسلطتين التنفيذية والتشريعية والقوات العسكرية والقضاء كون غالبية أعضاء المحكمة العليا محافظين.

لبنانياً، ماذا بعد الانتخابات التي عوّل عليها اللبنانيون بوصفها المنقذ من مآسيهم المزمنة كما في كل مرة منذ خمسين سنة، عمر الحروب في لبنان؟ فوز ترمب شفى غليل غالبية اللبنانيين كون إدارة جو بايدن لم تثمر أكثر من وساطات ومبعوثين ووعود مخيبة، مظهرةً عجزها عن إلزام إسرائيل بأي مبادرة أميركية أو غيرها.

رغم ثوابت السياسة الخارجية الأميركية، ثمة مساحة لفروقات بين إدارة ديمقراطية وأخرى جمهورية برئاسة ترمب، ستؤثر على مسار الأحداث وتنقل الحراك الأميركي بالمنطقة من مزيج القوة الناعمة - الخشنة التي اعتمدها بايدن وبخاصة تجاه إيران، إلى دبلوماسية أكثر تشدداً تجاه طهران وبقية النزاعات، دون القدرة على توقع ما سيقدم عليه ترمب بشأن حربي غزة ولبنان ومستقبل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي والعلاقات العربية - الأميركية، وبخاصة دول الخليج العربي.

مهما كانت وجهة الرياح، سيبقى لبنان في عين العاصفة: هجمة نحو السلام والأمن الإقليمي أو جنوح لمزيد من العنف ومراوحة للنزاع الإسرائيلي - الإيراني بالواسطة أو مباشرة بغطاء أميركي لم يتوفر إبان ولاية بايدن.

يعيش لبنان أسوأ مرحلة منذ تحوّله لساحة حرب. خواء المؤسسات الدستورية، ضياع وغياب القيادات والقوى السياسية، حرب على الجنوب والبقاع قضت على البشر ودمر الحجر مع تداعيات اجتماعية ونفسية مباشرة على أكثر من ثلث اللبنانيين وغير مباشرة على بقيتهم.

لا الموت ولا الدمار ولا المخاطر الوجودية المحدقة بالكيان ولا إشهار «حزب الله» عن حقيقة دوره مستخدماً اللبنانيين وقوداً، ولا الضحايا الأموات والأحياء وعددهم فوق المليون نازح، لم يحركوا المسؤولين أو القيادات، ولم يغيروا حرفاً واحداً من خطاب وأداء الحزب الذي أظهر لا مبالاة بمصالح بيئته وبمصلحة لبنان واللبنانيين مهما كانت النتائج مروعة. إنه منفصل حتى عن بيئته الحاضنة، أخذها رهينة ومتراساً في حروبه العبثية والانتحارية.

علامة الاستفهام الرئيسية تطال موقف الرئيس نبيه بري، قطب الثنائي الشيعي ورئيس البرلمان، إزاء الأحداث وما يواجه طائفته من مخاطر محدقة ومصير مئات آلاف النازحين من الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. المتوقع من بري، وهو قادر على الكثير، يبقى رهن ضميره. وإذا سلمنا جدلاً أنه عاجز إما جراء التهديد أو تماهيه مع سياسة الحزب وانتظاره إعادة تعويمه، ماذا بشأن القيادات اللبنانية الأخرى؟ هل موقف بري يعطل دوراً ما لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي؟ هل موقف بري وتردد ميقاتي يمنعان القيادات القيام بالحد الأدنى المطلوب، سواءً كانوا ممثلي الأمة الغائبين أو رؤساء الأحزاب والمعنيين بالشأن السياسي والوطني؟ هل ينتظرون موت لبنان دون محاولة إنقاذه؟

إذا كان سبب انكفائهم انتظار نتائج الحرب أو أدوار الخارج، فواشنطن ستنشغل لأشهر مقبلة بتسليم السلطة وتعيين إدارة جديدة، وأقصى ما تريده راهناً انتخاب رئيس للجمهورية لإدارة الأزمة، علماً بأن الحفاظ على دور الجيش اللبناني يفوق عندها أهمية انتخابات الرئاسة، ولعلها محقة. فرنسا أعجز من فرض تسويات، وجلّ ما تستطيعه هو مبادرات كمؤتمر باريس. العرب ميالون لترك اللبنانيين يحلون مشاكلهم دون تدخل، في موقف يعبر عن الخيبة واليأس من أحواله: مسؤولون وسياسيون يدورون في حلقة مفرغة بانتظار الخارج، وتكاذب متبادل داخلياً ومع الدول الصديقة بشأن تفسير القرارات الدولية وموقف ملتبس من سلاح «حزب الله» ومستقبله.

كل المسالك مغلقة! فلماذا لا تسعى القوى المناهضة للحزب لإعادة فتح الطريق إلى العالم العربي، بدءاً بالاعتراف بالخطأ بحق هذه الدول وإعلان مراجعة كاملة لسياسة لبنان منذ الهيمنة السورية حتى الإيرانية، وعزمه التحرر من السلاح غير الشرعي والميليشيات التي جعلته منصة لحملات ضد دول الخليج ومرتعاً لتهريب المخدرات عسى أن يكون لقاء ثلاثة من رؤساء الجمهورية والحكومة السابقين باكورة الحراك المطلوب؟

عودة لبنان إلى العرب قبل عودة العرب إلى لبنان ومستقبل لبنان من مستقبل أشقائه العرب، يذهبون إلى السلام يذهب معهم أو إلى الحرب فيكون بينهم. أما التستر وراء مخاطر حرب أهلية جراء هذه المراجعة فلم يعد يقنع أحداً. اللبنانيون بحاجة للعيش الكريم والخروج من تسويات حروب تولد حروباً.

المطلوب هجمة لبنانية على عرب الاعتدال حاملة رؤية واضحة عناوينها:

- انتخاب رئيس للجمهورية يحوز نسبة كبيرة من التوافق الوطني وتكليف رئيس سياسي للحكومة.

- يكون كلاهما متوازناً غير فاسد مالياً وسياسياً، ويستطيعان قراءة الواقعين الإقليمي والدولي ويقدّران مصلحة لبنان وفق ميزان دقيق.

- يتعهد الرئيسان المباشرة بتطبيق القرارات الدولية ببنودها التي تقضي على ازدواجية السلطة والسلاح الهجينة.

عندها تعود الدولة، فتعيد لبنان إلى العرب والعرب إليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة لبنان إلى العرب قبل عودتهم إليه عودة لبنان إلى العرب قبل عودتهم إليه



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon